للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٨٥ - قوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [سورة الأنعام: ٢٤].

قال الزمخشري: وأما قول من يقول: معناه ما كنا مشركين عند أنفسنا، وما علمنا أنا على خطأ في معتقدنا، وحمل قوله: ﴿انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ يعني في الدنيا- فتمحل وتعسف وتحريف لأفصح الكلام، إلى ما هو عي وإفحام. لأن المعنى الذي ذهبوا إليه، ليس هذا الكلام بمترجم عنه، ولا منطبق عليه، وهو ناب عنه أشد النبو. وما أدري ما يصنع، من ذلك تفسيره، بقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [سورة المجادلة: ١٨] بعد قوله تعالى: ﴿وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤)[سورة المجادلة: ١٤] فشبه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا (١).

قال القاسمي: والقول المذكور، والحمل الذي ناقش فيه، أصله لأبي علي الجبائي والقاضي. فإنهما ذهبا إلى أن أهل القيامة لا يجوز إقدامهم على الكذب، واعتلا بوجوه واهية ساقها الرازي. فلتنظر ثمت، فإنا لا نسود وجوه صحائفنا بما فيه تحكيم العقل على النقل (٢).

• أقوال أهل العلم في إقدام أهل القيامة على الكذب:

القول الأول: أن أهل القيامة يُقدمون على الكذب، فالمراد بالكذب في الآية: الكذب يوم القيامة.

القول الثاني: أن أهل القيامة لا يجوز إقدامهم على الكذب، وأن المراد بالكذب في الآية: الكذب في الدنيا.


(١) الكشاف: الزمخشري (٢/ ١٣).
(٢) محاسن التأويل: القاسمي (٦/ ٢٢٧٥، ٢٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>