قال القاسمي:(من) إما تبعيضية أي: بعض ذنوبكم وهو ما بينهم وبين الله تعالى دون المظالم، أو صلة، على مذهب الأخفش وغيره، من زيادتها في الإيجاب، أو للبدل أي: بدل عقوبة ذنوبكم، أو على تضمين (يغفر) معنى (يخلص).
وادعى الزمخشري مجيئه بـ (من) هكذا في خطاب الكافرين دون المؤمنين في جميع القرآن. قال: وكان ذلك للتفرقة بين خطابين، ولئلا يسوى بين الفريقين في الميعاد (١).
• أقوال أهل العلم في سبب مجيء (من) في قوله تعالى: ﴿يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ﴾:
القول الأول: أن (مِنْ) جاءت إما صلة على مذهب الأخفش (٢)، وإما تبعيضية، وإما بدل على مذهب سيبويه (٣)، ومن تبعه (٤).
القول الثاني: أن (مِنْ) جاءت للتفرقة بين خطاب المؤمنين وخطاب الكافرين.
أصحاب القول الأول:
مكي بن أبي طالب: " والمعنى: يغفر لكم بعضها، إذ لا يأتي أحد يوم القيامة إلا
(١) محاسن التأويل: القاسمي (١٠/ ٣٧١٥). (٢) انظر: التبيان: أبو البقاء (٢/ ٧٦٤). (٣) وهو: عمرو بن عثمان بن قَنْبَر، مولى بني الحارث بن كعب بن عمرو بن عُلَة، قدم البصرة ليكتب الحديث، فلزم حلقة حماد بن سلمة، وكان كثير المجالسة للخليل، وكان سُنِّيًّا على السُّنَّةِ، مات سنة ١٨٠ هـ. ينظر: طبقات النحويين: الزبيدي (ص: ٦٦). (٤) انظر: الكتاب" لسيبويه (١/ ٣٨) و (٢/ ٣١٦)، و"شرح كتاب سيبويه" للسيرافي (١/ ٢٧٨)، وانظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٥/ ٦٤٢)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١٢/ ١١٤).