للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من هذا التذييل الإتيان بحكم كلي في أفعال الخيرات كلها من فرائض ونوافل أو نوافل فقط فليس المقصود من خيرا خصوص السعي لأن خيرا نكرة في سياق الشرط فهي عامة ولهذا عطفت الجملة بالواو دون الفاء لئلا يكون الخير قاصرا على الطواف بين الصفا والمروة (١).

ثم قال ابن عاشور: "وتطوع يطلق بمعنى فعل طاعة وتكلفها، ويطلق مطاوع طوعه أي جعله مطيعا فيدل على معنى التبرع غالبا لأن التبرع زائد في الطاعة. وعلى الوجهين فانتصاب خيرا على نزع الخافض أي: تطوع بخير، أو بتضمين تطوع معنى فعل أو أتى. ولما كانت الجملة تذييلا فليس فيها دلالة على أن السعي من التطوع أي من المندوبات لأنها لإفادة حكم كلي بعد ذكر تشريع عظيم، على أن تطوع لا يتعين لكونه بمعنى تبرع بل يحتمل معنى أتى بطاعة أو تكلف طاعة" (٢).

فمما تقدم يتبين أنه لا دلالة في الآية على أن السعي بين الصفا والمروة سُنة كما قال القاسمي ، لأنه قد يُراد من التطوع: التطوع بالحج والعمرة بعد قضاء حجة الإسلام الواجبة كما تقدم من كلام ابن جرير .

وقد يُراد من التطوع: عموم الخير لأن ﴿خَيْرًا﴾ نكرة في سياق الشرط فهي تفيد العموم كما تقدم من كلام ابن عاشور ، ولأن عموم النفل المراد من التطوع أوفق لسياق الآية كما قال الآلوسي ، والله أعلم.

• النتيجة:

بعد عرض ما تقدم يتبين الصواب في هذه المسألة أن قوله تعالى: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ لا يدل على أن السعي سنة لما تقدم من الأدلة، ومن أقوال أهل العلم من المفسرين.

إلا أن تعليل القاسمي تعقبه: بأن المراد من التطوع التبرع بما لا يلزم وهو عرف فقهي لا لغوي، يُعارضه ما تقدم من كلام الراغب والكفوي وابن منظور، والله أعلم.


(١) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢/ ٦٤).
(٢) التحرير والتنوير: ابن عاشور (٢/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>