وقتلهم- أفشوه، وهم يظنون: أنه لا شيء عليهم في ذلك" (١).
أصحاب القول الثاني:
جماعة من السلف وهم: الضحاك وابن زيد (٢).
مقاتل بن سليمان (٣): " ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ﴾ يعني المنافقين" (٤).
السمرقندي: " ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ﴾ يعني المنافقين إذا جاءهم خبر من أمر السرية بالفتح والغلبة على العدو، سكتوا وقصروا عما جاءهم من الخبر أو الخوف، أي وإن جاءهم خبر من السرية ببلاء وشدة نزلت بالمؤمنين أذاعوا به" (٥).
بعد عرض أشهر أقوال المفسرين في هذه المسألة وما ذهب إليه كل فريق، يظهر أن الراجح هو الجمع بين القولين، فتحمل الآية على كلا المقصودين، فلا مانع أن يكون المراد من قوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ﴾ المنافقين، ولا مانع أن يكون المراد: ضعفة المسلمين، ولكل فريق منهم أوجه:
أولا: أوجه بيان أن ما ذهب إليه أصحاب القول الأول:
الوجه الأول: أن اللفظ في الآية عام، فليس فيها تحديد القوم الذين يتسرعون في إذاعة الأخبار، من أنهم المنافقين أو أنهم ضعاف الإيمان من المسلمين، فكلامهما محتمل أن يصدر منه هذا الفعل، فتبقى الآية على عمومها.
(١) فتح القدير: الشوكاني (١/ ٥٦٧)، وانظر: فتح البيان: القنوجي (٣/ ١٨٧). (٢) انظر: النكت والعيون: الماوردي (١/ ٥١١)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٦/ ٤٧٨). (٣) وهو: أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي، كبير المفسرين، قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة، وقال الشافعي: الناس فِي التفسير عيال على مقاتل. مات سنة ١٥٠ هـ. ينظر: تاريخ الإسلام: الذهبي (٤/ ٢٣٢). (٤) تفسير مقاتل بن سليمان (١/ ٣٩٣). (٥) بحر العلوم: السمرقندي (١/ ٣٢١). (٦) الكشف والبيان: الثعلبي (١٠/ ٤٩٠)، وانظر: تفسير القرآن: السمعاني (١/ ٤٥٣).