للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دراسة المسألة:

يُريد القاسمي من تعقبه ووصفه بالتكلف، ما أورده الشهاب الخفاجي عن النحرير وهو سعد الدين التفتازاني كما هو معلوم.

وما أورده الشهاب الخفاجي عن النحرير تعقبه بقوله: "وهو كلام أكثره واه لكن تحريره وتهذيبه يحتاج إلى تطويل فتأمله". والقاسمي مال إلى قوله ووصف ما أورده الخفاجي عن التفتازاني بالتكلف.

والذي يظهر من خلال ما ذكره المفسرون في تفسير الآية أن الأقرب للصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، وذلك من وجهين:

الأول: سياق الآيات التي تدل على أن الفاء للتعقيب، و (ثم) للتراخي، فقوله في سورة الأنعام: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا﴾ لم يجعل النظر فيه واقعا عقيب السير، متعلقا وجوده بوجوده، لأنه بعث على سير بعد سير لما تقدم من الآية التي تدل على أنه تعالى حداهم على استقراء البلاد ومنازل أهل الفساد، وأن يستكثروا من ذلك ليروا أثرا بعد اثر، في ديار بعد ديار قد عمم أهلها بدمار، لقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾، ثم قال: ﴿فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾. [سورة الأنعام: ٦]. فذكر في قوله: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ﴾ أي: قرونا كثيرة أهلكانهم، ثم قال، ﴿وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾، فدعا إلى العلم بذلك بالسير في البلاد ومشاهدة هذه الآثار، وفي ذلك ذهاب أزمنة كثيرة ومدد طويلة تمنع النظر من ملاصقة السير، كما قال في المواضع الآخر التي دخلها الفاء لما قصد فيها من معنى التعقيب واتصال النظر بالسير، إذ ليس في شيء من الأماكن التي استعملتها فيها الفاء ما في هذا المكان من البعث على استقراء الديار وتأمل الآثار، فجعل السير في الأرض في هذا المكان مأمورا به على حدة، والنظر بعده مأمورا به على حدة، وسائر الأماكن التي دخلتها الفاء علق فيها وقوع النظر بوقوع السير، لأنه لم يتقدم الآية ما يحدوا على السير الذي حدا عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>