[٣ - التعقب على سوء فهم المراد من سبب النزول الوارد في الآية، ومن ذلك]
أ - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [سورة الأعراف: ٢٠٤]. عقَّب على قول الرازي: "قيل أن الآية نزلت في السكوت عند الخطبة، وكثير من الناس قد استبعد هذا القول، وقال اللفظ عام وكيف يجوز قصره على هذه الصورة الواحدة. وأقول هذا القول في غاية البعد لأن لفظة إذا تفيد الارتباط، ولا تفيد التكرار" (٢).
قال القاسمي: " قدمنا في مقدمة الكتاب مصطلح السلف في قولهم (نزلت هذه الآية في كذا) وبينا أنه قد يراد بذلك، أن الآية تشمل ذلك الشيء لدخوله في عمومها، لا أنه سبب لنزولها، وذلك في بعض المقامات، وما هنا منه. وبتحقيق هذا يسقط ما للرازي هنا من أنه إذا قيل بنزولها في منع المأموم من الجهر بالقراءة، يذهب تناسب الآية مع ما قبلها من إفحام المشركين، بأن يستمعوا لقراءته، ليقفوا على إعجازه. وما للخازن، بأن الآية مكية، وخطبة الجمعة والعيدين شرعتا بالمدينة- فافهمه" (٣).
ب - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [سورة المائدة: ٨٥] عقَّب على الحافظ ابن كثير الذي قال بأن: "نزول هذه الآيات في النجاشي وأصحابه فيه نظر لأن الآية مدنية" (٤). فقال: " إن نظره مدفوع، فإنه حكى في هذه الآية بعد الهجرة ما وقع قبلها، ونظائره في التنزيل كثيرة، ولا إشكال فيه" (٥).