قال الماوردي: في صرف الجن المذكور في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾، وجهان: أحدهما: أنهم صرفوا عن استراق سمع السماء، برجوم الشهب، ولم يصرفوا عنه بعد عيسى إلا بعد بعث رسول الله ﷺ فقالوا: ما هذا الحادث في السماء، إلا لحادث في الأرض، وتخيلوا به تجديد النبوة، فجابوا الأرض، حتى وقفوا على رسول الله ﷺ ببطن مكة عامدا إلى عكاظ، وهو يصلي الفجر، فاستمعوا القرآن، ورأوه كيف يصلي ويقتدي به أصحابه، فعلموا أنه لهذا الحادث، صرفوا عن استراق السمع برجوم الشهب. وهذا قول ابن عباس ﵁(١).
قال القاسمي: أقول: وعليه تكون (إلى) في (إليك) بمعنى لام التعليل. وذكر في (المغني) أنها تأتي مرادفة اللام، نحو ﴿وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ﴾ [سورة النمل: ٣٣](٢). وفيه تكلف وبعد، لنبوه عما يقتضيه سياق بقية الآية (٣).
• أقوال أهل العلم في المراد من قوله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ﴾ (٤):
القول الأول: أن المراد: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ﴾ أي: أملناهم إليك، وأقبلنا بهم نحوك، فتكون (إلى) على بابها.
(١) النكت والعيون: الماوردي (٥/ ٢٨٥). (٢) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ابن هشام (ص: ١٠٤)، وانظر: معترك الأقران: السيوطي (٢/ ٦١)، وانظر: الزيادة والإحسان: ابن عقيلة المكي (٨/ ٤٥). (٣) محاسن التأويل: القاسمي (١٥/ ٥٣٦٤). (٤) بنحو هذا الخلاف أشار الماوردي في النكت والعيون (٥/ ٢٨٥، ٢٨٦).