ابن عباس ﵁: سأله عكرمة عن قوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ فكل ساعة يتوضأ؟ فقال:"لا وضوء إلا من حدث"، وبنحو ذلك روي عن أبي موسى الأشعري، وعبيدة السلماني، وأبو عالية، وسعيد بن المسيب، وغيرهم (١).
القرطبي:"قال آخرون: إن الفرض في كل وضوء كان لكل صلاة ثم نسخ في فتح مكة، وهذا غلط"(٢).
البيضاوي:"وقيل كان ذلك أول الأمر - يعني إيجاب الوضوء لكل صلاة- ثم نسخ وهو ضعيف"(٣).
• دراسة المسألة:
يتبين مما سبق أن مسألة نسخ حكم وجوب الوضوء لكل قائم للصلاة، مما اختلف فيه أهل العلم قديمًا، والذي يظهر أن الراجح مع أصحاب القول الثاني، من أنه لا نسخ في الحكم، وإنما الأمر في الآية محمول على الاستحباب ابتداءً، وذلك من أوجه:
الأول: دلالة السنة التي دلت على أن النبي ﷺ كان يتوضأ لكل صلاة، وأن أصحابه كانوا على خلاف ذلك، من أنهم كانوا يتوضؤون إذا أحدثوا، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك ﵁، قال:«كان النبي ﷺ يتوضأ عند كل صلاة» قلت - يعني عمرو بن عامر-: كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم يحدث" (٤).
ووجه الاستدلال: أن فعل النبي من أنه كان يتوضأ لكل صلاة، يختلف عن فعل
(١) أخرج أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (٨/ ١٥٢، ١٥٥)، وانظر: زاد المسير: ابن الجوزي (١/ ٥٢٠) (٢) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٧/ ٣٢٤). (٣) أنوار التنزيل: البيضاوي (٢/ ١١٦). (٤) أخرجه البخاري: كتاب الوضوء، باب الوضوء من غير حدث، برقم: (٢١٤).