للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دراسة المسألة:

من خلال عرض ما تقدم من أقوال المفسرين في هذه الآية، وما ذكروه في تأويلها، يظهر أن الصواب مع أصحاب القول الأول من أن تبديل الجلود الوارد في الآية التبديل الحقيقي، بأن يخلق الله جلودا غير الجلود التي احترقت، وذلك من وجوه عدة:

الأول: أن التبديل الحقيقي عليه جماعة من السلف كما هو ظاهر من كلامهم، ولا شك أن قولهم مُقدم على قول من بعدهم، إذ هم أقرب إلى زمن التنزيل، وهم خير الناس بعد الصحابة والأنبياء.

الثاني: أن القول بأن المعنى وصفي عدول عن ظاهر القرآن، فقد قال الله تعالى في الآية: ﴿جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ ولم يقل أن ذات الجلد تتغير أوصافه، والقاعدة أنه لا يجوز العدول عن ظاهر القرآن إلا بدليل يجب الرجوع إليه (١).

قال ابن جرير الطبري: " وغير جائز ترك ظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته" (٢).

وقال ابن تيمية مقررًا هذه القاعدة: " لم يكن في الصحابة من تأول شيئًا من نصوصه [أي الوحي] على خلاف ما دل عليه، لا فيما أخبر به الله عن أسمائه وصفاته، ولا فيما أخبر عما بعد الموت" (٣).

الثالث: أن المعنى الحقيقي هو الذي تقتضيه اللغة، فالمراد من التبديل عند اللغويين: التغيير والتنحية للشيء واستئناف شيء آخر محله، أو إفناء الذات الأولى واحداث ذات أخرى (٤).


(١) قواعد الترجيح: حسين الحربي (١/ ١٢٢).
(٢) جامع البيان: الطبري (١/ ٦٢١).
(٣) مجموع الفتاوى: ابن تيمية (١٣/ ٢٥٢).
(٤) انظر: تهذيب اللغة: الأزهري (١٤/ ٩٣)، وانظر: الكليات: الكفوي (ص: ٣١)، وانظر: لسان العرب: ابن منظور (١١/ ٤٨)، وانظر: تاج العروس: الزبيدي (٢٨/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>