للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ابن كثير: " وقوله: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا﴾ أي: بين العذب والمالح ﴿بَرْزَخًا﴾ أي: حاجزا، وهو اليبس من الأرض، ﴿وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ أي: مانعا أن يصل أحدهما إلى الآخر، كقوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠)﴾ " (١).

السعدي: "المراد بالبحرين: البحر العذب، والبحر المالح، فهما يلتقيان كلاهما، فيصب العذب في البحر المالح، ويختلطان ويمتزجان، ولكن الله تعالى جعل بينهما برزخا من الأرض، حتى لا يبغي أحدهما على الآخر" (٢).

• دراسة المسألة:

من خلال ما تقدم ذكره من أقوال أهل العلم، واستقراء ما قيل في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن أن المراد من قوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾ خلط البحرين ماء المالح وماء العذب خلع أحدهما على الآخر، وهو الذي عليه أكثر المفسرين (٣)، وذلك من أوجه:

أولا: أن المراد من المرج في كلام العرب: الخلط، ومنه قوله تعالى: ﴿فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ﴾ [سورة ق: ٥].

فلو كان البرزخ الذي بين العذب الفرات من البحرين والملح الأجاج أرضا أو يبسا لم يكن هناك مرج للبحرين، وقد أخبر جل ثناؤه أنه مَرَجَهما، وإنما عرفنا قدرته بحجزه هذا الملح الأجاج عن إفساد هذا العذب الفرات، مع اختلاط كل واحد منهما بصاحبه. فأما إذا كان كل واحد منهما في حيز عن حيز صاحبه فليس هناك مرج، ولا هناك من الأعجوبة ما


(١) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٥/ ٦٠١).
(٢) تيسير الكريم الرحمن: السعدي (ص: ٨٣٠)، وانظر: تفسير القرآن الكريم (من الحجرات إلى الحديد): العثيمين (ص: ٣٠٨).
(٣) نص على هذا الواحدي في البسيط (٢١/ ١٥٤)، بينما نص الكرماني على أن أكثر المفسرين على أنهما بحر فارس والروم وبينهما جزيرة العرب. ينظر: غرائب التفسير: الكرماني (٢/ ١١٧٠)، وليس كما قال، لأن الناظر في عامة كتب التفسير يجد أن أكثرهم يقول بأن البحرين مختلطان وأن بينهما حاجز لا يُرى بالعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>