يُنَبه عليه أهل الجهل به من الناس ويُذَكرون به (١).
ثانيًا: أن الله تعالى وصف البحرين بأنهما يلتقيان، والالتقاء يقتضي المجاورة فلا فصل بينهما في مرأى العين، ومع ذلك فلم يختلطا، ولهذا قال: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ﴾ أي: حاجز يحجز بينهما ﴿لَا يَبْغِيَانِ﴾ أي: لا يبغي أحدهما على الآخر بأن يدخل فيه ويختلط به (٢).
ثالثًا: نظائر الآيات الدالة على أن المراد من البحرين: البحر العذب والبحر المالح، يلتقيان فلا يبغي المالح على العذب، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ [سورة الفرقان: ٥٣] ولا يصح أن يكون المراد من الآية: بحر الروم وبحر الفرس، لأن كلا هذين البحرين ملح أجاج (٣)، وقوله تعالى في الآية: ﴿وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ المراد منه المنع، وأن ﴿مَحْجُورًا﴾ توكيد له، أي: منعًا شديدًا للاختلاط بينهما (٤).
ما روي عن ابن عباس أنه قال بأن المراد من قوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾ «بحر في السماء والأرض يلتقيان كل عام»(٦)، جاء من طريق عطية العوفي، عن أبيه. وكلاهما
(١) انظر: جامع البيان: الطبري (١٧/ ٤٥٧)، وانظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٢٤/ ٤٧٤)، وانظر: فتوح الغيب: الطيبي (١١/ ٢٦٣)، وانظر: روح المعاني (١٩/ ٧٥). (٢) انظر: فتح القدير: الشوكاني (٥/ ١٦١). (٣) انظر: روح المعاني: الآلوسي (١٩/ ٨٠). (٤) انظر: أضواء البيان: الشنقيطي (٦/ ٣٧٦). (٥) انظر: البسيط: الواحدي (٢١/ ١٥٤)، وانظر: مفاتيح الغيب: الرازي (٢٩/ ٣٥٠)، وانظر: لباب التأويل: الخازن (٢/ ٣٢٨)، وانظر: نكن وتنبيهات في تفسير القرآن: أبو العباس البسيلي (٢/ ٣٥٨). (٦) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٢/ ٢٠٠).