للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والجواب عن هذا الاستدلال من أوجه:

الأول: أن الخطاب في الحيث موجه إلى النبي بخصوصه، كما هو ظاهر الحديث، فكان الوضوء واجبًا عليه ابتداء لكل صلاة وإن لم يُحدث، ثم نُسخ بالتخفيف عنه وإيجابه عليه إذا أحدث.

الثاني: أن ترك النبي الوضوء لكل صلاة كان ترخيصا لأمته وإعلاما منه لهم أن ذلك غير واجب ولا لازم له ولا لهم، إلا من حدث يوجب نقض الطهر، فلعله ترك الوضوء عمدا خشية أن يُفرض، فليس هناك نسخ للحكم (١).

الثالث: أن قول القائل: أمر الله نبيه بكذا وكذا، محتمل من وجوه لأمر الإيجاب والأرشاد والندب والإباحة والإطلاق، والأصل أن الأمر للوجوب، إلا إذا وجدت قرينة تصرف الواجب إلى المستحب.

فمثلا: ما أخرجه الطحاوي من حديث جابر بن عبد الله أنه قال: «ذهب رسول الله إلى امرأة من الأنصار ومعه أصحابه، فقربت لهم شاة مصلية فأكل وأكلنا، ثم حانت الظهر، فتوضأ وصلى، ثم رجع إلى فضل طعامه فأكل، ثم حانت العصر، فصلى ولم يتوضأ» (٢).

فهذا الحديث فيه دلالة على أن النبي صلى الظهر والعصر بوضوء واحد، فمثل هذه القرينة تصرف الأمر الوارد في حديث عبد الله بن حنظلة من الوجوب إلى الاستحباب، وليس هناك نسخ، والله أعلم.

• النتيجة:

بعد عرض ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الراجح هو مع أصحاب القول الثاني من أنه لا نسخ في حكم وجوب الوضوء لكل قائم للصلاة، وإنما


(١) انظر: جامع البيان: الطبري (٨/ ١٦١).
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار، كتاب الطهارة، باب الوضوء هل يجب لكل صلاة، برقم: (٢٢٤)، قال النووي: رواه الطحاوي بإسناد صحيح على شرط مسلم. ينظر: المجموع: النووي (١/ ٤٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>