أصحابه رضوان الله عليهم في الزمان ذاته، مما يُبعد القول بالنسخ.
الثاني: الإجماع الدال على عدم إيجاب فرض الوضوء لكل صلاة، كما نص على هذا الطبري بقوله:" وقد أجمعت الحجة على أن الله ﷿ لم يوجب على نبيه ﷺ ولا على عباده فرض الوضوء لكل صلاة، ثم نسخ ذلك، ففي إجماعها على ذلك الدلالة الواضحة على صحة ما قلنا من أن فعل النبي ﷺ ما كان يفعل من ذلك كان على ما وصفنا من إيثاره فعل ما ندبه الله عز ذكره إلى فعله وندب إليه عباده المؤمنين"(١).
الثالث: أن القول بأن وجوب الوضوء لكل صلاة المذكور في الآية منسوخ بحديث بريدة أن النبي ﷺ صلّى يوم الفتح بوضوء واحد، فقال له عمر: صنعت شيئا لم تكن تصنعه فقال: "عمدا فعلته يا عمر"(٢)، يستلزم منه أن تكون السنة نسخت القرآن، والصواب أن هذا تبيين وليس بنسخ فالقرآن لا يُنسخ بالسنة (٣).
ويمكن حمل الآية على ظاهرها من غير نسخ ويكون الأمر الوارد في الآية في حق المحدثين على الوجوب وفي حق غيرهم على الندب وحصل بيان ذلك بالسنة كما تقدم (٤).
مناقشة الاستدلال بحديث عبد الله بن حنظلة:
استدل القائلون بأن وجوب الوضوء لكل صلاة منسوخ، بحديث أسماء بنت زيد بن الخطاب، أن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، حدثها:" أن رسول الله ﷺ كان أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك على رسول الله ﷺ أمر بالسواك عند كل صلاة، ووضع عنه الوضوء إلا من حدث "(٥).
(١) جامع البيان: الطبري (٨/ ١٦١). (٢) أخرجه النسائي في سننه، كتاب الطهارة، باب الوضوء لكل صلاة، برقم: (١٣٣) قال الألباني: حديث صحيح. (٣) انظر: الناسخ والمنسوخ: النحاس (ص: ٣٧٢)، وانظر: نواسخ القرآن: ابن الجوزي (٢/ ٤٠٥). (٤) فتح الباري: ابن حجر (١/ ٣١٦) بتصرف. (٥) أخرجه أحمد في مسنده (٣٦/ ٢٩١) برقم: (٢١٩٦٠)، قال محققوا المسند: إسناده حسن.