للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٨٣ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦)[سورة المائدة: ١١٦].

قال بعضهم: من أشرك مع الله غيره فقد نفاه معنى. لأنه وحده لا شريك له، منزه عن ذلك. فإقراره بالله كلا إقرار. فيكون من دون الله مجازا عن (مع الله) (١).

قال القاسمي: ولا يخفى أن هذا تكلف. لأن توبيخهم إنما يحصل بما يعتقدونه ويعترفون به صريحا لا بما يلزمه بضرب من التأويل. فالصواب أن المراد اتخاذهما بطريق إشراكهما به سبحانه. كما في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا﴾ [سورة البقرة: ١٦٥]. وقوله ﷿: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾ - إلى قوله تعالى- ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [سورة يونس: ١٨]. إذ به يتأتى التوبيخ، ويتسنى التقريع والتبكيت (٢).

• أقوال أهل العلم في معنى (دون) في الآية من حيث الحقيقة والمجاز:

القول الأول: أن المتبادر المعنى المجازي لكلمة (دُونِ) والتي تقتضي حمل جملة (مِنْ دُونِ اللَّهِ) على معنى: مع الله.

القول الثاني: اعتبار المعنى على ظاهره بأن (دُونِ) بمعنى: سوى، وفق ما يقتضيه السياق من التوبيخ.

أصحاب القول الأول:

الخفاجي: " ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ لما كان معنى اتخذت فلانا صديقا من دوني أنه استبدله به لا أنه جعله صديقا معه، وهم لم يقولوا بذلك بل ثلثوا أولها بأن من أشرك مع الله غيره فقد


(١) سيأتي إيراده من حاشية الشهاب الخفاجي.
(٢) محاسن التأويل: القاسمي (٦/ ٢٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>