ووجه الدلالة من حديث جابر ﵁ قوله:"كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه" الحديث (١).
• دراسة المسألة:
أشار القاسمي ﵀ في تفسيره لما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عن نعيم بن عبد الله المجمر، قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق "، ثم قال: " هكذا رأيت رسول الله ﷺ يتوضأ. وقال: قال رسول الله ﷺ: «أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله»(٢).
ثم تعقب على قول من قال بأن الآية مجملة في دلالتها على وجوب غسل المرفقين، وأن حديث أبي هريرة ﵁ مُبين لهذا الإجمال.
والذي يظهر أن الآية مُحكمة وصريحة في دلالتها على وجوب غسل المرفقين، وليست مجملة، وهو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، وذلك من أوجه:
الأول: أن لفظ (إلى) في الآية يأتي بمعنى (مع) بمعنى: مع المرافق، ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [سورة النساء: ٢] أي: مع أموالكم، وقوله تعالى: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ [سورة آل عمران: ٥٢]، أي مع الله (٣).
الثاني: أن (إلى) تفيد معنى الغاية، وقد تدخل في الحكم، ومنه قوله تعالى: ﴿مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ [سورة الإسراء: ١]. لوقوع العلم بأنه لا يسرى به إلى بيت المقدس من غير أن يدخله (٤).
(١) تيسير البيان: ابن نور الدين (٣/ ١٠٣). (٢) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، برقم: (٢٤٦). (٣) انظر: أحكام القرآن: ابن الفرس (٢/ ٣٦٦)، وانظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٣/ ٣٣٧). (٤) انظر: الكشاف: الزمخشري (١/ ٦١٠).