للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

علمت ما لم تعلموا، من البَصيرة. وأبصَرتُ بالعَيْن (١).

أصحاب القول الثاني: وهم أهل السنة والجماعة:

الطبري: "يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ والله ذو إبصار بما يعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط ولها حافظ ذاكر حتى يذيقهم بها العقاب جزاءها. وأصل بصير مبصر من قول القائل: أبصرت فأنا مبصر؛ ولكن صرف إلى فعيل، كما صرف مسمع إلى سميع، وعذاب مؤلم إلى أليم، ومبدع السموات إلى بديع، وما أشبه ذلك" (٢).

القاضي أبي يعلى: " هذا الخبر (٣)، أفاد أن وصفه ﷿ بأنه سميع بصير، لا على معنى وصفه بأنه "عليم"؛ كما ذهب إليه بعض أهل النظر" (٤).

• دراسة المسألة:

من خلال عرض ما تقدم من أقوال أهل العلم، والنظر في معنى البصير من حيث اللغة، يظهر -والله أعلم- أن القاسمي يُريد من وصفه لقول من قال بأن البصير بمعنى العليم: المعتزلة من نحا نحوهم من نفي صفات الله -تعالى- التي أثبتها لنفسه، وما ذهب إليه القاسمي هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة، وذلك من وجهين:

الأول: أن الأصل المتقرر عند أهل السنة أن آيات الصفات تُحمل على ظاهرها، بخلاف من ظن بأن حملها على الظاهر يقتضي التشبيه أو التمثيل.

قال الإمام أحمد في سياق حديثه عن إثبات صفات الله -تعالى-: "ولكن نؤمن به كما


(١) تهذيب اللغة: الأزهري (١٢/ ١٢٣). ولم أجد قول الأخفش في كتابه: معاني القرآن.
(٢) جامع البيان: الطبري (٢/ ٢٨٣).
(٣) يعني ما أخرجه ابن حبان في صحيحه بسنده عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية: " ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ إلى قوله: ﴿إن الله كان سميعا بصيرا﴾ [النساء: ٥٨] رأيت النبي يضع إبهامه على أذنه وأصبعه الدعاء على عينه"، وإسناده صحيح على شرط الصحيح كما قال شعيب الأرناؤوط. ينظر: الإحسان بتقريب صحيح ابن حبان: ابن بلبان (١/ ٤٩٨).
(٤) إبطال التأويلات: أبو يعلى (ص: ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>