هذه من المسائل الدقيقة المتعلقة بالحقيقة والمجاز التي تعقب بها القاسمي ﵀ على من سبقه، فهو كعادته ممن لا يرى بوقوع المجاز، إما في اللغة والقرآن، أو في القرآن فقط.
والناظر فيما ذكره المفسرون في تفسير الآية يجد أن عامتهم لم يحملوا لفظ:(مِنْ دُونِ اللَّهِ) على المجاز، فيقولوا أنه: مجاز عن مع الله، وإن كان النصارى في الحقيقة أنهم أشركوا مع الله في العبادة عيسى ﵇ وأمه مريم، وإنما الصواب أن يُحمل اللفظ على ظاهره بأن يُراد من لفظ:(دُونِ) سوى على وجه التوبيخ والتقريع.
والجواب عن قول من قال بأن لفظ:(مِنْ دُونِ اللَّهِ) على أنه مجاز عن مع الله، من أوجه:
الثاني: أن: ﴿دُونِ﴾ هاهنا للقاصر عن الشيء وهم عبدوا المسيح وأمه فيما توصلا إلى عبادة الله. كما عبد الكفار الأصنام حيث قالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾، فكأنه قيل: أنت قلت اتخذوني إلهين متوصلين بنا إلى الله، قال سبحانك منزهين عن ذلك (٢).