قال القاسمي: دلت الآية على نجاسة المشرك، كما في الصحيح (المؤمن لا ينجس) وأما نجاسة بدنه، فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات، لأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب. وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم. وقال أشعث عن الحسن: من صافحهم فليتوضأ، رواه ابن جرير، ونقله ابن كثير (١).
وأقول: الاستدلال بكونه تعالى أحل طعام أهل الكتاب غير ناهض، لأن البحث في المشركين وقاعدة التنزيل الكريم، التفرقة بينهم وبين أهل الكتاب، فلا يتناول أحدهما الآخر فيه (٢).
• أقوال أهل العلم في سبب عدم نجاسة أبدان المشركين:
القول الأول: أن السبب هو: أن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب.
القول الثاني: أن السبب هو: ما دلت عليه الأحاديث النبوية على عدم نجاسة أبدان المشركين.
أصحاب القول الأول:
القصاب (٣): "قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ دليل على أن النجس نجسان: نجس فعل، ونجس ذات، وهو في هذا الموضع - والله أعلم -: نجس فعل، وهو شركهم، لا أن أبدانهم نجسة، وكيف تكون نجسة وليست بين خلقتهم وخلقة المؤمنين فرق في شيء من
(١) انظر: جامع البيان: الطبري (١٣/ ٣٩٨)، وانظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٤/ ٢٧١). (٢) محاسن التأويل: القاسمي (٨/ ٣١٠٢). (٣) وهو: الإِمام، الحافظ، أبو أحمد، محمدُ بنُ عليّ بن محمد، الكَرَجي المجاهد، وإنما عُرِف بالقَصَّاب لكثرة ما أَهْراق من دماء الكُفار في الغزوات، وصنف كتاب "ثواب الأعمال" وكتاب "السُّنَّة" وكتاب "تأديب الأئمة" وغير ذلك، ما سنة ٣٦٠ هـ. ينظر: طبقات علماء الحديث: ابن عبد هادي (٣/ ١٣٢).