قال القاسمي: وما ذكرنا من كون الخطاب في الآية للمهاجرين خاصة، هو أنسب بالمقام والسياق والسياق يشعر به. وقيل: الخطاب للعرب كافة، وعليه قول قتادة بن دعامة السدوسي ﵀ في هذه الآية: كان هذا الحي من العرب أذل الناس وأشقاه عيشا، وأجوعه بطونا، وأعراه جلودا، وأثبته ضلالا. والله! ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلا منهم، حتى جاء الله بالإسلام، فمكن به في البلاد، ووسع به في الرزق، وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس. وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا الله على نعمه، فإن ربكم منعم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله. انتهى.
وأقول: الأمر في العرب، وإن كان كما ذكر، لكن في تنزيل بعض ألفاظ الآية عليه تكلف لا يخفى فالظاهر ما ذكرنا (١).
• أقوال أهل العلم في المراد من المخاطبين في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ﴾:
القول الأول: أن المخاطبين هم المهاجرين من أصحاب النبي ﷺ، وأن المراد من الناس الذين عنوا بقوله: ﴿أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ﴾ كفار قريش.
القول الثاني: أن المخاطبين هم العرب كافة، وأن المراد من الناس الذين عنوا بقوله: ﴿أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ﴾ فارس والروم (٢).
(١) محاسن التأويل: القاسمي (٨/ ٢٩٧٨). (٢) وهناك قول ثالث بأن المخاطبون هم المؤمنون في بدر وقليلون يومئذ تجاه المشركين، وهو مروي عن قتادة، ينظر: زاد المسير: ابن الجوزي (٢/ ٢٠٢)، وهذا القول قريب من القول الأول.