ب- وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [سورة المائدة: ٥٤] تعقب على الزمخشري فقال: " فتأويل مثل الزمخشري لها- أي المحبة- بإثابته تعالى لهم أحسن الثواب، وتعظيمهم والثناء عليهم والرضا عنهم، تفسير باللازم، منزع كلامي لا سلفي. وقد أنكر الزمخشري أيضا كون محبة العباد لله حقيقية، وفسرها بالطاعة وابتغاء المرضاة. فرده صاحب (الانتصاف) بأنه خلاف الظاهر" (٢).
ت- وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [سورة الأنعام: ٢٤] تعقب على ابن المُنيّر فقال: " جعل الناصر في (الانتصاف) ضل بمعنى سلبوا علمه، فكأنهم نسوه وذهلوه دهشا. وهو بعيد، لعدم ملاقاته للآية الأخرى، وهي قوله تعالى: ﴿قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾ [سورة الأعراف: ٣٧] والتنزيل يفسر بعضه بعضا" (٣).
٢ - التعقب بإبهام المُتعقب عليه، ومن ذلك:
أ - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [سورة البقرة: ٦٧]. قال: "ذكر أكثر المفسرين قصة البقرة وصاحبها بروايات مختلفة لم نورد شيئا منها لأنه لم يرو بسند صحيح إلى النبي ﷺ، ولا يتعلق به كبير فائدة" (٤). ففي هذا المثال لم يُعيِّن القاسمي ﵀ المُفسرين المُتعقب عليهم، وإنما أبهمهم.
ب - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
(١) محاسن التأويل: القاسمي (٢/ ٢١٣). (٢) محاسن التأويل: القاسمي (٦/ ٢٠٣٧، ٢٠٣٨). (٣) محاسن التأويل: القاسمي (٦/ ٢٢٧٤)، بتصرف، وسيأتي المزيد من الأمثلة في الدراسة التطبيقية. (٤) محاسن التأويل: القاسمي (٢/ ١٥٨).