ابن كثير:" ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أي: أمره الله بالإخلاص له والاستسلام والانقياد، فأجاب إلى ذلك شرعا وقدرا"(١).
أصحاب القول الثاني:
الزمخشري:" معنى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ﴾: أخطر بباله النظر في الدلائل المؤدية إلى المعرفة والإسلام"(٢).
البيضاوي:" كأنه قيل: اذكر ذلك الوقت لتعلم أنه المصطفى الصالح المستحق للإمامة والتقدم، وأنه نال ما نال بالمبادرة إلى الإذعان وإخلاص السر حين دعاه ربه وأخطر بباله دلائله المؤدية إلى المعرفة الداعية إلى الإسلام"(٣).
ابن عرفة (٤): "هذا إما قول حقيقة بعد رؤية الكوكب والقمر والشمس وإما بمعنى الإلهام إلى ذلك وخلقه في قلبه بنصب الدلائل العقلية عليه"(٥).
• دراسة المسألة:
من خلال النظر في أقوال المفسرين في هذه الآية نجد أن مثل هذا التأويل الباطل - وهو المعنى المجازي- يكثر عند المعتزلة وهو حمل ألفاظ الحقيقة على المجاز وخاصة فيما يتعلق بصفات الله -تعالى-، لأنهم يظنون أن إثبات المعنى الحقيقي يستلزم منه التجسيم وتشبيه الله بخلقه، تعالى الله عن ذلك.
وهذا القول ليس بغريب أن يصدر من الزمخشري المعتزلي الذي يفتخر باعتزاليته، لأن
(١) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (١/ ٦٤٦، ٦٤٧). (٢) الكشاف: الزمخشري (١/ ١٩١)، وانظر: إرشاد العقل السليم: أبو السعود (١/ ١٦٣)، وانظر: روح المعاني: الآلوسي (٢/ ٤٥٣). (٣) أنوار التنزيل: البيضاوي (١/ ١٠٧). (٤) وهو: محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي يكنى أبا عبد الله، الإمام العلامة المقرئ الفروعي، الأصولي البياني، المنطقي شيخ الشيوخ وبقية أهل الرسوخ، مات سنة ٨٠٣ هـ. ينظر: الديباج المذهب: ابن فرحون (٢/ ٣٣١). (٥) تفسير ابن عرفة (١/ ٤٢١).