وروي عن عائشة ﵂ أنها قالت: "كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي ﷺ مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن" (٢).
الثاني: الروايات الصحيحة الثابتة التي تدل على جواز نسخ سور طويلة من القرآن، فلا يمنع أن تكون سورة الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة، فنُسخ أكثرها.
ومما يدل على وقوع نسخ التلاوة في سورة طويلة من القرآن، ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه قال:«بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرءوا القرآن فقال: أنتم خيار أهل البصرة، وقراؤهم فاتلوه، ولا يطولن عليكم الأمد، فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول، والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني قد حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب» الحديث (٣).
• النتيجة:
بعد ذكر ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، من الأثر المروي عن أبي بن كعب ﵁ صحيح، وأن سورة الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة، خلافًا لما ذهب إليه القاسمي ﵀، لما تقدم إيراده من الوجهيْن الداليْن على ذلك، والله أعلم.
(١) أخرجه أحمد قي مسنده (٣٥/ ١٣٤)، برقم: (٢١٢٠٦)، وضعَّف إسناده محققوا المسند لأن في سنده يزيد بن أبي زياد الكوفي، ولا بأس به في الشواهد إن شاء الله، والأسانيد يقوي بعضها بعضا. (٢) انظر: الإتقان: السيوطي (٣/ ٨٢)، وانظر: الزيادة والإحسان: ابن عقيلة المكي (٥/ ٤٢٠، ٤٢١). (٣) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثا، برقم: (١٠٥٠).