أبو السعود: " ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ أي في أرض مكةَ تحت أيدي قريشٍ والخطابُ للمهاجرين أو تحت أيدي فارسَ والرومَ والخطاب للعَرَب كافةً فإنهم كانوا أذلاء تحت أيدي الطائفتين" (٢).
• دراسة المسألة:
من خلال ذكر ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن المخاطبين في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ﴾ هم المهاجرين من أصحاب النبي ﷺ، وأن المراد من الناس الذين عنوا بقوله: ﴿أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ﴾ كفار قريش، وذلك من أوجه:
الأول: من حيث الواقع الذي كان يعيش فيه المسلمون: فلم يكونوا يخافون على أنفسهم قبل الهجرة من قوم غير كفار قريش؛ لأنهم كانوا أدنى الكفار منهم إليهم، وأشدهم عليهم يومئذ مع كثرة عددهم وقلة عدد المسلمين، فدل هذا على أن المراد: المهاجرين من أصحاب رسول الله ﷺ(٣).
وأيضًا: أن فارس لم تحكم على جميع العرب، حتى يُقال أن المراد من قوله تعالى: ﴿أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ﴾ فارس والروم (٤).
وأيضًا: أن العرب كانت في وقت نزول هذه الآية كافرة إلا القليل (٥).
الثاني: أن الوارد عن السلف كالسدي وعكرمة في قوله تعالى: ﴿فَآوَاكُمْ﴾ فإنه
(١) بحر العلوم: السمرقندي (١/ ٤٧٧). (٢) إرشاد العقل السليم: أبو السعود (٤/ ١٧). (٣) انظر: جامع البيان: الطبري (١١/ ١١٩). (٤) انظر: روح المعاني: الآلوسي (١٠/ ٨٥). (٥) انظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (٤/ ٥٤٠، ٥٤١)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (١١/ ٧٦).