ما تعقَّب به القاسمي ﵀ على من قال بوجوب التقليد، وما أورده من كلام ابن القيم، يُحمل على تقليد المجتهد أو العالم أو طالب العلم للمجتهد فيما يُفتي به.
لأن الحق والله أعلم أن التقليد ليس مذموم على إطلاقه، فقد نص جمع من الأصوليين أن العامي أو الجاهل يجوز له التقليد.
فقوله تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ المراد به العامة الذين لا يدرون الشرع، ولا يعرفون طرق الاستنباط، فهؤلاء يلزمهم مراجعة جميع العلماء إذ ليس لهم آلة هذا الشأن، يدل عليه قوله تعالى: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ فعُلِم أنه أراد المقلد؛ لأنه إذا كان عالماً فهو من أهل الاستنباط (١).
قال العلامة العثيمين ﵀:" من فوائد الآية الكريمة: تحريم التقليد مع وضوح الدليل، لقوله: ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾، وإنما قلنا: مع وضوح الدليل، لأن التقليد يجوز للضرورة إذا لم يعلم الإنسان، لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، ولم يأمر سبحانه بسؤال أهل الذكر إلا للرجوع إلى ما يقولون، وإلا لم يكن هناك فائدة من سؤال أهل الذكر"(٢).
• النتيجة:
من خلال عرض ما تقدم من الأقوال وما قيل في تفسير الآية، يظهر أن الصواب مع أصحاب القول الثاني من أن قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ لا دلالة فيه على وجوب التقليد، ولا بأس أن يُقلد العامي أو الجاهل العالم فيما يُفتي به، لما تقدم إيراده من الأدلة، والله أعلم.
(١) انظر: العدة في أصول الفقه: القاضي أبو يعلى (٤/ ١٢٣٢). وانظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٦٣٤)، وانظر: التحقيق والبيان في شرح البرهان: الأبياري (٣/ ٣٧٤). (٢) تفسير القرآن الكريم: العثيمين (سورة النساء) (١/ ٤٥٦، ٤٥٧).