للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقول الآخر:

وَيَومٍ بذِي قَارٍ رَأيْتَ وُجُوهَهُمْ … إلىَ المَوْتِ مِنْ وَقْعِ السُّيوفِ نَوَاظِر

والشاهد: أنه أضاف النظر إلى الوجوه في كلا البيتين (١).

الوجه الثاني: من حيث اللغة: فإن كلمة (ترى) إذا تعدت إلى مفعول واحد، لا يكون ذلك المفعول إلّا ممّا يُبْصَر. قال الله تعالى: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾، فَـ (تَرى) ها هنا بمعنى: بَصَرِ العين، والهاء والميم به مفعولٌ، و ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ في موضع الحال (٢).

وأيضًا: أن النظر المقرر بإلى يقتضي الرؤية، فإن لم يكن موضوع اللغة فأكثر استعمال العرب عليه نحو قوله:

نَظَرْت إلَى مَنْ حَسَّنَ اللَّهُ وَجْهَهُ … فَيَا نَظْرَةً كَادَتْ عَلَى وَامِقٍ تَقْضِي

وقول علي بن عبد الله بن العباس (٣):

نَظروا إليكَ بأعينٍ محمرةٍ … نظرَ التيوسِ إلى شِفارِ الجازرِ (٤).

وهو كثير، وهو يحصل المقصود؛ ولأن غلبة استعماله تدل على أنه الحقيقة (٥).

• النتيجة:

بعد إيراد ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن المراد من النظر في قوله تعالى: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ الرؤية الحقيقة، وعلى التسليم بأن المراد غير ذلك، فإن حلمه على قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ لنفي الرؤية باطل بلا شك، لما تقدم إيراده من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.


(١) انظر: الإشارات الإلهية: الطوفي (ص: ٣٠٣).
(٢) انظر: شرح المفصل: ابن يعيش (٤/ ٢٩٦).
(٣) وهو: علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، الإمام، القانت، أبو محمد الهاشمي، المدني، السجاد، ولد: عام قتل الإمام علي، فسمي باسمه، مات سنة ١١٨ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (٥/ ٢٨٥).
(٤) نسب هذا البيت لعلي بن عبد الله بن العباس الآجري في كتابه الشريعة (٤/ ٢٠٦٠).
(٥) انظر: الإشارات الإلهية: الطوفي (ص: ٦٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>