والشاهد: أنه أضاف النظر إلى الوجوه في كلا البيتين (١).
الوجه الثاني: من حيث اللغة: فإن كلمة (ترى) إذا تعدت إلى مفعول واحد، لا يكون ذلك المفعول إلّا ممّا يُبْصَر. قال الله تعالى: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾، فَـ (تَرى) ها هنا بمعنى: بَصَرِ العين، والهاء والميم به مفعولٌ، و ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ في موضع الحال (٢).
وأيضًا: أن النظر المقرر بإلى يقتضي الرؤية، فإن لم يكن موضوع اللغة فأكثر استعمال العرب عليه نحو قوله:
وهو كثير، وهو يحصل المقصود؛ ولأن غلبة استعماله تدل على أنه الحقيقة (٥).
• النتيجة:
بعد إيراد ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن المراد من النظر في قوله تعالى: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ الرؤية الحقيقة، وعلى التسليم بأن المراد غير ذلك، فإن حلمه على قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ لنفي الرؤية باطل بلا شك، لما تقدم إيراده من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.
(١) انظر: الإشارات الإلهية: الطوفي (ص: ٣٠٣). (٢) انظر: شرح المفصل: ابن يعيش (٤/ ٢٩٦). (٣) وهو: علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، الإمام، القانت، أبو محمد الهاشمي، المدني، السجاد، ولد: عام قتل الإمام علي، فسمي باسمه، مات سنة ١١٨ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (٥/ ٢٨٥). (٤) نسب هذا البيت لعلي بن عبد الله بن العباس الآجري في كتابه الشريعة (٤/ ٢٠٦٠). (٥) انظر: الإشارات الإلهية: الطوفي (ص: ٦٦٨).