قال القاسمي: قيل: وعليه فيكون ضمير ﴿وَازْدَادُوا﴾ لأهل الكتاب. وإنه يظهر فيه وجه العدول عن المتبادر وهو ثلاثمائة وتسع سنين. مع أنه أخصر وأظهر.
وذلك لأن بعضهم قال: ثلاثمائة: وبعضهم قال أزيد بتسعة. ولا يخفى ركاكة ما ذكر، فإن الضمير للفتية. ووجه العدول موافقة رؤوس الآي المقطوعة بالحرف المنصوب. ودعوى الأخصرية تدقيق نحوي لا تنهض بمثله البلاغة. وأما الأظهرية فيأباها ذوق الجملتين ذوقا سليما (١). فإن الوجدان العربي يجد بينهما في الطلاوة بعد المشرقين. ودعوى أن فيها إشارة إلى أنها ثلاثمائة بحساب أهل الكتاب بالأيام، واعتبار السنة الشمسية، وثلاثمائة وتسع بحساب العرب، واعتبار القمرية، بيانا للتفاوت بينهما، إذ التفاوت بينهما في كل مائة سنة ثلاث سنين- دعوى يتوقف تصحيحها على ثبوت أن أهل الكتاب ازدادوا بالسنة الشمسية وأنه قص علينا ما أرادوه بالسنة الهلالية، فلذلك قال: ﴿وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ لنقف على تحديد ما عنوه، ومن أين يثبت ذلك؟ وما الداعي لهذا التعمق المشوش؟ والآية جلية بنفسها في دعواهم مدة لبثهم (٢).
• أقوال أهل العلم في سبب وجه العدول عن قول:(ثلاثمائة سنين وتسع) وقول: ﴿ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾:
القول الأول: أن سبب العدول: اختلاف أهل الكتاب في مدة لبثهم، فقال بعضهم ثلاثمائة وقال بعضهم ثلاثمائة وتسع سنين.
(١) يُريد القاسمي ﵀ من قوله: "ودعوى الأخصرية والأظهرية" التعقب على قول الشهاب الخفاجي: " قوله سنين عدداً إلا أنه حينئذ يحتاج إلى بيان وجه العدول عن المتبادر وهو ثلاثمائة وتسع سنين مع أنه أخصر، وأظهر". ينظر: عناية القاضي: الشهاب الخفاجي (٦/ ٩١). (٢) محاسن التأويل: القاسمي (١١/ ٤٠٤٨).