فإن قيل: لفظ الطَّهارة حقيقة في إزالة النَّجاسات، ومجاز في البراءة عن المعاصي واستعمال اللفظ الواحدة في الحقيقة، والمجاز معاً لا يجوزُ.
فالجوابُ: أنَّ لفظ النَّجس اسم للمستقذر، وهذا القذرُ مفهوم مشترك فيه بين القسمين، فزال السُّؤال (١).
تنبيه:
اختلف أهل العلم في صحة إسناد ما روي عن أبي هريرة ﵁، عن النبي ﷺ، قال:"نزلت هذه الآية في أهل قباء: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾ "، قال:«كانوا يستنجون بالماء، فنزلت فيهم هذه الآية»(٢). فمن أهل العلم من يرى أن إسناد الرواية صحيح، ومنهم من يرى عكس ذلك (٣)، ولا شك أن هذه الرواية لو كانت صحيحة عند أكثر أهل العلم لكانت حجة لأصحاب القول الثاني، من حيث سبب النزول، فإن النبي ﷺ أعلم بتفسير كتاب الله من غيره.
• النتيجة:
يتبين بعد ذكر ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن المراد بالطهارة في الآية: الطهارة الحسية، ولا يمنع أن تتضمن: الطهارة المعنوية، لما تقدم إيراده من الأوجه المؤيدة لذلك، والله أعلم.
(١) انظر: اللباب: ابن عادل الحنبلي (١٠/ ٢١٠، ٢١١). (٢) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب في الاستنجاء بالماء، برقم: (٤٤) قال الألباني: حديث صحيح، وأخرج بنحوه ابن جرير الطبري في تفسيره (١١/ ٦٩٣). (٣) ذهب إلى صحة هذه الرواية: الألباني في إرواء الغليل (١/ ٨٤)، بينما ذهب النووي وغيره إلى تضعيف الرواية. ينظر: المجموع: النووي (٢/ ٩٩)، وانظر: البدر المنير: ابن الملقن (٢/ ٣٧٦).