للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٤٦ - قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (٥٦)[سورة النساء: ٥٦].

قال الرازي: يمكن أن يقال: هذا استعارة عن الدوام وعدم الانقطاع. كما يقال لمن يراد وصفه بالدوام: كلما انتهى فقد ابتدأ. وكلما وصل إلى آخره فقد ابتدأ. من أوله. فكذا قوله: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ﴾ الآية. يعني: كلما ظنوا أنهم نضجوا واحترقوا وانتهوا إلى الهلاك، أعطيناهم قوة جديدة من الحياة. بحيث ظنوا أنهم الآن حدثوا ووجدوا. فيكون المقصود بيان دوام العذاب وعدم انقطاعه (١).

قال القاسمي: وهذا أبعد مما قبله. إذ ليس لنا أن نعدل في كلام الله تعالى عن الحقيقة إلى المجاز، إلا عند الضرورة. لا سيما وقد روي عن السلف، صحابة وتابعين، أنهم يبدلون في اليوم أو الساعة مرات عديدة. كما رواه ابن جرير وغيره مفصلا (٢).

• أقوال أهل العلم في المراد من تبديل الجلود من حيث الحقيقة والمجاز:

القول الأول: أن المراد من تبديل الجلود: التبديل الحقيقي كما هو ظاهر الآية.

القول الثاني: أن المراد من تبديل الجلود: الدوام وعدم الانقطاع عن العذاب.

أصحاب القول الأول:

الطبري: " ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ﴾ يقول: كلما انشوت بها جلودهم فاحترقت ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [سورة النساء: ٥٦] غير الجلود التي قد نضجت فانشوت" (٣).

الواحدي: "يعني: أنَّ جلودهم إذا نضجت واحترقت جُدِّدت بأن تُردَّ إلى الحال التي كانت عليها غير محترقة" (٤).


(١) مفاتيح الغيب: الرازي (١٠/ ١٠٦)، وانظر: اللباب: ابن عادل الحنبلي (٦/ ٤٢٩).
(٢) محاسن التأويل: القاسمي (٥/ ١٣٢٩).
(٣) جامع البيان: الطبري (٧/ ١٦٣).
(٤) الوجيز: الواحدي (ص: ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>