للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

١٧٦ - قوله تعالى: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [سورة الزخرف: ٨٩].

قال الرازي: احتج قوم بهذه الآية على أنه يجوز السلام على الكافر. ثم قال: إن صح هذا الاستدلال فإنه يوجب الاقتصار على مجرد قوله (سلام) وأن يقال للمؤمن (سلام عليكم) والمقصود التنبيه على التحية التي تذكر للمسلم والكافر (١).

قال القاسمي: وفيه نظر، لأنه جمود على الظاهر البحت هنا، والغفلة عن نظائره. من نحو قول إبراهيم لأبيه ﴿قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ [سورة مريم: ٤٧]، وآية ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [سورة القصص: ٥٥]، على أن الأكثر على أن الخبر هنا محذوف، أي (عليكم) والمقدر كالمذكور، والمحذوف لعلة كالثابت. فالصواب أن السلام للمتاركة. والله أعلم (٢).

• أقوال أهل العلم في المراد من السلام في قوله تعالى: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ﴾:

القول الأول: أن المراد من السلام: المتاركة، والإعراض.

القول الثاني: أن المراد من السلام: أن يقول للمشركين: سلام.

أصحاب القول الأول:

مكي بن أبي طالب: " "تقديره: قل: أمري مسالمة منكم، ولم يؤمر بالسلام عليهم، وإنما أمر بالتبري منهم ومن دينهم" (٣).

البغوي: " ﴿وَقُلْ سَلَامٌ﴾ معناه: المتاركة، كقوله تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ " (٤).


(١) مفاتيح الغيب: الرازي (٢٧/ ٦٥٠)، وانظر: روح المعاني: الآلوسي (٢٤/ ٤٣٨).
(٢) محاسن التأويل: القاسمي (١٤/ ٥٢٩١).
(٣) مشكل إعراب القرآن: مكي بن أبي طالب (٢/ ٦٥٣)، وانظر: الهداية: مكي بن أبي طالب (١٠/ ٦٧١٦).
(٤) معالم التنزيل: البغوي (٧/ ٢٢٤)، وانظر: فتح الرحمن: العليمي (٦/ ٢٤١)، وانظر: فتح القدير: الشوكاني (٤/ ٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>