وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، أي فرقوها بينكم على ما أمر الله ثم قال: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾، أي أنهم كرهوا ذلك كما كرهوا إخراجَك يوم أخرجتَ من بيتك، فحذفَ وجعلَ ما تقدم في أول السورة جوابا لهذا الكلام، واقتصر على دلالة الكلام عليه (١).
الرابع: أن القول بأن المراد من الإخراج في قوله تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ إخراجه من مكة، خلاف الظاهر، لأن الظاهر أن هذا إخبار عن خروجه إلى بدر فصرفه إلى الخروج من مكة ليس بظاهر ومفعول ﴿لَكَارِهُونَ﴾ هو الخروج أي: لكارهون الخروج معك، وكراهتهم ذلك إما لنفرة الطبع أو لأنهم لم يستنفروا أو العدول من العير إلى النفير لما في ذلك من قوة أخذ الأموال ولما في هذا من القتل والقتال، أو لترك مكة وديارهم وأموالهم (٢).
تنبيه:
ما تعقب به القاسمي ﵀ على القائلين بأن المراد من قوله تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ إخراجه من مكة، قد تعقبه أيضًا قبله جمع من المفسرين وردّوه ووصفوه بأنه من الزعم، وأن فيه بعد (٣).
• النتيجة:
يتبين من خلال ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أن الصواب ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن المراد من قوله تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ﴾ إخراج النبي ﷺ من المدينة إلى بدر لقتال المشركين، لما تقدم إيراده من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.
(١) الانتصار: الباقلاني (٢/ ٥٧٢). (٢) انظر: البحر المحيط: أبو حيان (١١/ ٢٢). (٣) انظر: البحر المحيط: أبو حيان (١١/ ٢٢)، وانظر: روح المعاني: الآلوسي (١٠/ ٢٩)، وانظر: العذب النمير: الشنقيطي (٤/ ٤٨٤).