فأراد: نجس الأديان، لا الأبدان والثياب والأواني" (١).
المباركفوري (٢): "وأما قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ فالمراد به أنهم نجس في الباطن والاعتقاد لا في أصل الخلقة، أو أن ذلك تنفير عن الكفار، وذم وإهانة لهم. وهذا وإن كان مجازاً فقرينته ما ثبت في الصحيحين من أنه ﷺ توضأ من مزادة مشركة، وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد، فدل على أن الآدمي الحي ليس بنجس العين سواء كان محدثاً أو جنباً أو حائضاً أو نفساء" (٣).
• دراسة المسألة:
يظهر من خلال استقراء ما ذكره المفسرون في تأويل الآية عمومًا، وفي هذه المسألة خصوصًا، أن الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من صحة الاستدلال بإحلال طعام أهل الكتاب ونكاح نسائهم على عدم نجاسة أبدان المشركين، أو ما تُسمى بالنجاسة الحسية، وذلك من وجهين:
الأول: كما أن الله تعالى أحل نكاح نساء أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فإنه أحل نساء المشركين من الإماء اللاتي اكتسبها المسلمين وغنموها من المشركين في غزواتهم، والجامع أن كل امرأة منهم سواء كانت من أهل الكتاب أو كانت مشركة فإنه يُشرع معها التقبيل والمضاجعة، ونحو ذلك.
وكما هو معلوم لكل مطلع على السيرة النبوية، وتاريخ ظهور الإسلام بالضرورة، أن المسلمين كانوا يعاشرون المشركين ويخالطونهم ولاسيما بعد صلح الحديبية، إذا امتنع اضطهاد المشركين وتعذيبهم لمن لا عصبية له، ولا جوار يمنعه منهم، وكانت رسلهم ووفودهم ترد على النبي ﷺ ويدخلون مسجده، وكذلك أهل الكتاب كنصارى نجران واليهود، ولم يعامل أحد أحدا منهم معاملة الأنجاس، ولم يأمر بغسل شيء مما أصابته
(١) البيان في مذهب الإمام الشافعي: العمراني (١/ ٨٨). (٢) وهو: أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام بن خان محمد بن أمان الله بن حسام الدين الرحماني المباركفوري (المتوفى: ١٤١٤ هـ) (٣) مرعاة المفاتيح: المباركفوري (٢/ ١٤٨).