للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يعاجلهم بالانتقام، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾، وهو استنباط جيد وبديع لمن تأمله، والله أعلم (١).

تنبيهان:

الأول: ما أخرجه ابن أبي حاتم بسنده عن سعيد بن المسيب قال: "لما نزلت هذه الآية وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب قال رسول الله : "لولا عقوبة الله وتجاوزه ما هنأ أحد العيش ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد" (٢). لم يصح إسناده لأن آفته ابن جدعان وهو ضعيف (٣)، وابن ماهان لم يذكر بجرح أو تعديل (٤).

الثاني: ما أورده جمع من المفسرين في تفسير الآية من أن المراد من المغفرة في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ﴾: التوبة، والستر، والتجاوز عن الذنوب (٥)، من غير تنصيص على المراد بتأخير العذاب، لا يدل على إنكارهم لهذا المراد، لاحتمال أنهم اقتصروا على ذكر معنى المغفرة من حيث اللغة فقط، دون النظر في سياق الآية، والله أعلم.

• النتيجة:

يتبين من خلال ما تقدم ذكره في هذه المسألة، أن الأصوب من الأقوال: هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن تأخير العذاب على المشركين داخل في معنى المغفرة في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ﴾، لما تقدم إيراده من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.


(١) انظر: الكشاف: الزمخشري (٤/ ٢٠٩)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (١٩/ ٩).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٧/ ٢٢٢٤) برقم: (١٢١٤٥)، وأورده النحاس في معاني القرآن (٣/ ٤٧٣)، والثعلبي في الكشف والبيان (١٥/ ٢١٧).
(٣) انظر: الجرح والتعديل: ابن أبي حاتم (٦/ ١٨٧).
(٤) انظر: بلوغ الأماني في تراجم الرجال الذين لم يعرفهم الإمام الألباني: الدريني (ص: ٨٦٥).
(٥) انظر: تفسير القرآن العزيز: ابن أبي زمنين (٢/ ٣٤٦)، وانظر: البسيط: الواحدي (١٢/ ٢٩٨)، وانظر: تفسير القرآن: السمعاني (٣/ ٧٩)، وانظر: مدارك التنزيل: النسفي (٢/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>