المَازِرِيّ (١) كما يقول الثعالبي (٢): "وقالت طائفة: إن إبليس لم يدخل الجنة بعد أن أخرج منها، وإنما أغوى آدم بشيطانه، وسلطانه، ووساوسه التي أعطاه الله -تعالى-، كما قال النبي ﷺ:«إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» وإلى هذا القول نحا المازري"(٣).
الزمخشري: أورد في تفسيره قول من قال: " كان يدنو من السماء فيكلمهما"(٤).
• دراسة المسألة:
بعد استعراض أقوال أهل العلم والمفسرين في مسألة كيفية دخول إبليس الجنة بعد ما أُخرج منها، يظهر أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن إبليس دخل في فم الحية وأدخلته الجنة خُفية وهو ما عليه جمهور أهل العلم (٥)، أو أنه لم يُمنع من دخول الجنة مطلقًا، إنما مُنِعَ من الدخول على جهة التكرمة كما كان يدخل مع الملائكة، وذلك من أوجه:
الأول: أن ما روي عن ابن عباس ﵁ وابن مسعود ﵁ من أن إبليس دخل في فم الحية جاء من رواية الإسرائيليات التي لا تُخالف شرعنا، وهذه الروايات لا بأس بالأخذ بها عند من يرى أن الإسرائيليات من مصادر التفسير (٦).
(١) وهو: محمد بن عليّ بن عمر، أبو عبد الله التميمي، المازري، الفقيه، المالكي المحدّث، أحد الأئمة الأعلام، مصنّف شرح صحيح مسلم، وله مصنَّفات في الأدب، وكان من أهل الحِفْظ والإتقان، مات سنة ٥٣٦ هـ. ينظر: تاريخ الإسلام: الذهبي (١١/ ٦٦١). (٢) وهو: أبو زيد، عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي، مفسر، من كبار علماء الجزائر وصلحائها الأبرار. له نحو تسعين كتابا، منها "الجواهر الحسان في تفسير القرآن"، مات سنة ٨٧٥ هـ. ينظر: معجم المفسرين: عادل نويهض (١/ ٢٧٦). (٣) الجواهر الحسان: الثعالبي (١/ ٢١٩)، وانظر: المحرر الوجيز: ابن عطية: (١/ ٣٦٩) وانظر: الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (١/ ٤٦٥). (٤) الكشاف: الزمخشري (١/ ١٢٨). (٥) نسب هذا القول إلى جمهور أهل العلم الفيومي في فتح القريب المجيب (١٢/ ٢٢). (٦) انظر: فتح الباري: ابن حجر (٦/ ٤٩٨).