للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أو بأثابكم فلا زائدة" (١).

• دراسة المسألة:

ذكر القاسمي في تفسيره لهذه الآية أن المراد بقوله تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ أي: لتتمرنوا بالصبر على الشدائد، والثبات فيها، وتتعودوا رؤية الغلبة والظفر والغنيمة، وجميع الأشياء من الله لا من أنفسكم، فلا تحزنوا على ما فاتكم من الحظوظ والمنافع. وقوله: ﴿وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾ من الغموم والمضار (٢). فـ (لا) ثابتة أصلية على معناها وليست زائدة.

ومن خلال النظر في أقول الفريقين واستدلالاتهم من كتب التفسير، يظهر أن الصواب في هذه المسألة أن (لا) أصلية على معناها وليست زائدة، وذلك لوجوه:

أولا: أن تأويل الآية على القول بأن (لا) زائدة وأن المعنى تتأسفوا على ما فاتكم وعلى ما أصابكم عقوبة لكم، مردود بقوله تعالى: ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ [سورة الحديد: ٢٣] وقوله: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [سورة آل عمران: ١٤٠].

ثانيًا: إن حزن المسلمين على ما فاتهم وأصابهم من شأنه أن يؤثر في نفوسهم تأثيرا سلبيا، فيُقعدهم عن الجهاد، ويُثبطهم عن مواصلة السير، وذلك أمرا لا يرضاه الله ورسوله، ولا يليق بهم.

ثالثًا: إن حزنهم على ما فاتهم وأصابهم يتعارض مع الإيمان بالقدر، والإيمان بالقدر، خيره وشره، أصل من أصول الإيمان.


(١) السراج المنير: الخطيب الشربيني (١/ ٢٥٦).
(٢) محاسن التأويل: القاسمي (٤/ ١٠٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>