للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دراسة المسألة:

من المباحث التي اختلف فيها أهل العلم قديمًا فيما يتعلق بعلوم القرآن، المبحث الذي يتعلق بالضابط الذي يُحدد الحكم على الآية من كونها مكية أم مدنية.

والذي يظهر أن الراجح هو الذي عليه أصخاب القول الثاني، من أن المكي ما نزل قبل هجرته إلى المدينة وإن كان نزوله بغير مكة، والمدني ما نزل بعد هذه الهجرة وإن كان نزوله بمكة (١). وذلك من وجهين:

الأول: أن هذا التعريف جامع مانع، روعي فيه زمان النزول، وهو أولى من رعاية المكان؛ لأن معرفة التدرج في التشريع ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وغير ذلك من الفوائد متوقفة على معرفة المتقدِّم والمتأخِّر في الزمان، لهذا كان هذا التعريف هو المعتمد عند أكثر أهل العلم (٢).

الثاني: أن هذا الضابط الذي هو (ما نزل قبل الهجرة فهو مكي)، و (ما نزل بعد الهجرة فهو مدني) ضابط متقدم قال به علماء من طبقة صغار التابعين، وأتباع التابعين:

يقول: يحيى بن سلام البصري (ت ٢٠٠ هـ) وهو من أتباع التابعين: "إن ما نزل بمكة وما نزل في طريق المدينة قبل أن يبلغ النبي المدينة فهو من المكي. وما نزل على النبي في أسفاره بعدما قدم المدينة فهو من المدني" (٣).

ويقول: علي بن الحسين بن واقد (ت ٢١١ هـ): " كل القرآن مكي أو مدني غير قوله: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ [سورة القصص: ٨٥] فإنها أنزلت على رسول الله بالجحفة حين خرج مهاجراً إلى المدينة. فلا هي مكية ولا مدنية، وكل آية نزلت على رسول الله قبل الهجرة فهي مكية، نزلت بمكة أو بغيرها من البلدان،


(١) انظر: فضائل القرآن: ابن كثير (ص: ٣٧)، وانظر: البرهان: الزركشي (١/ ١٨٧)، وانظر: الإتقان: السيوطي (١/ ٣٧)، وانظر: مناهل العرفان: الزرقاني (١/ ١٩٤).
(٢) دراسات في علوم القرآن: محمد بكر إسماعيل (ص: ٤٤).
(٣) تفسير القرآن العزيز: ابن أبي زمنين (١/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>