ثانيًا: أن القول بأن سورة المطففين من السور المدنية تؤيده الآثار الواردة عن بعض من السلف:
فقد روى ابن جرير الطبري بسنده عن ابن عباس، قال: لما قدم النبي ﷺ المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا، فأنزل الله: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ فأحسنوا الكيل (١).
وقال محمد بن كعب: كان بالمدينة يهود تجار يطففون، ففيهم نزلت (٢).
قال السدي: كان بالمدينة رجل يكنى أبا جهينة له مكيالان يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص، فنزلت السورة فيه (٣).
وبهذا يتبين أن سورة المطففين تُعد من السور المكية لما اشتملت عليه من ضوابط المكي، وفيها آيات قصة التطفيف وما يتعلق بها من أحكام، تدل على أنها مدنية، فالسورة بعضها مكي وبعضها مدني، والله أعلم.
• النتيجة:
يتبين مما تقدم ذكره في هذه المسألة، أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثالث من أن سورة المطففين مكية إلا ما جاء من ذكر التطفيف فإنه من المدني، لما تقدم بيانه، والله أعلم.
(١) أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب التجارات، باب التوقي في الكيل والوزن، برقم: (٢٢٢٣)، قال الألباني: حديث حسن، وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٤/ ١٨٦)، وأورده ابن كثير في تفسيره (٧/ ٥٠٧). (٢) انظر: الكشف والبيان: الثعلبي (٢٩/ ٣٦)، وانظر: التيسير في علم التفسير: أبو حفص النسفي (١٥/ ٢٥٠)، وانظر: أحكام القرآن: ابن الفرس (٣/ ٦١٣). (٣) انظر: المحرر الوجيز: ابن عطية (١٠/ ١٦٥)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (٢١/ ٢٦٣).