الحسن البصري: في قوله: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ قال: "الجنب يمر في المسجد ولا يقعد فيه"(١).
مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية: قالوا: لا يجوز للجنب أن يمكث في المسجد مطلقاً (٢).
• دراسة المسألة:
هذه المسألة مما اختلف فيها أهل العلم قديما كما تقدم ذكره من أقوالهم، والذي يظهر أن القول الراجح مع أصحاب القول الأول، وذلك للأدلة التالية:
أولا: ما رواه سعيد بن منصور في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح: أن بعض الصحابة كانوا يجلسون في المسجد وهم على جنابة.
فقد روى سعيد بن منصور في سننه: عن عطاء بن يسار قال: "رأيت رجالا من أصحاب رسول الله ﷺ يجلسون في المسجد وهم مجنبون، إذا توضؤوا وضوء الصلاة"(٣)، قال ابن كثير:"وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، والله أعلم"(٤).
ثانيًا: إذا كان المشرك يدخل المسجد، ويمكث فيه، ولا يبعد أن يكون جنباً، فالمسلم الجنب من باب أولى.
فقد روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة أنه قال: بعث رسول الله ﷺ خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري
(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ٥٦). (٢) انظر: بدائع الصنائع: الكاساني (١/ ٣٨)، وانظر: أحكام القرآن: ابن العربي (١/ ٥٥٧)، وانظر: الأم: الشافعي (١/ ٥٤)، وانظر: البحر المحيط: أبو حيان (٧/ ٨٩، ٩٠). (٣) التفسير من سنن سعيد بن منصور (٤/ ١٢٧٥) برقم: (٦٤٦)، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (٣/ ١١٧) وعزاه إلى سعيد بن منصور، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١/ ١٣٥) برقم: (١٥٥٧). (٤) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٣/ ١١٧).