ما أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره من أنه: " يحتمل أن يكون المراد به زكاة النفس، وتخليصها من الأخلاق الدنية الرذيلة، كقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [سورة الشمس: ١٠] وقول موسى لفرعون: ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ [سورة النازعات: ١٨، ١٩] وقوله تعالى: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ [سورة فصلت: ٧] ويحتمل أن يكون المراد زكاة المال (١).
• دراسة المسألة:
من خلال عرض ما تقدم من الأقوال يتبين أن الحق والصواب من المراد بالزكاة في هذه الآية: زكاة المال، وهو ما ذهب إليه عامة المفسرين، وذلك من أوجه:
الأول: أن هذه السورة مدنية بلا خلاف، وزكاة المال إنما فرضت بالمدينة كما هو معلوم.
الثاني: أن الزكاة المذكورة في هذه الآية جاء التعبير عنها بالإيتاء، وهذا لا يكون إلا في زكاة المال، بخلاف قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ [سورة المؤمنون: ٤]. فقد يُراد بها أفعال المؤمنين المفلحين.
الثالث: أن زكاة الأموال تكون في القرآن عادةً مقرونةً بالصلاة من غير فصلٍ بينهما، كما في هذه الآية وكقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ وقوله: ﴿وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ﴾ (٢).
الرابع: أن الزكاة إذا أطلقت فالمراد بها زكاة المال إلا إذا وجدت قرينة أو دلالة من حيث السياق وغير ذلك تُبين أن المراد بها زكاة النفس كقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [سورة الشمس: ١٠].
(١) تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٢/ ٤٣). (٢) انظر ما قاله الشنقيطي في أضواء البيان (٥/ ٣٠٧، ٣٠٨). عند تفسير قوله تعالى: ﴿والذين هم للزكاة فاعلون﴾ [سورة المؤمنون: ٤].