ابن قتيبة:" (التين) و (الزيتون) جبلان بالشام؛ يقال لهما: "طور تينا، وطور زيتا" بالسريانية. سميا بالتين والزيتون: لأنهما ينبتانهما"(١).
العليمي:" ﴿وَالتِّينِ﴾ هو الجبل الذي عليه دمشق ﴿وَالزَّيْتُونِ﴾ هو طور زيتا الجبل الذي ببيت المقدس من جهة المشرق، وذلك أن التين ينبت كثيرا بدمشق، والزيتون بإيلياء"(٢).
• دراسة المسألة:
بعد التتبع والنظر واستقراء ما ذكره المفسرون وأهل العلم في هذه المسألة، يظهر أن الصواب بأن يُقال أن كلا المعنيين محتمل، فيجوز أن يكون المراد من (التين) الذي يؤكل (والزيتون) الذي يعصر منه الزيت، على كما هو ظاهر التنزيل، وهو الذي عليه أكثر المفسرين (٣)، ويجوز أن يكون المراد من (التين) الجبل الذي عليه دمشق و (الزيتون) الذي عليه بيت المقدس. وذلك من أوجه:
الأول: سياق الآيات الذي يدل على أن المراد من التين: المكان وهو الجبل، وذلك لأن الله تعالى قال في الآية التي بعدها: ﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾ [سورة التين: ٢] والطور هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى على قول أكثر المفسرين (٤)، أو هو الجبل الذي عليه نبات وشجر، على قول جماعة من السلف (٥). فإذا كان المراد من الطور الجبل، فالأوفق بالمناسبة أن يكون المراد من التين الجبل.
وظاهر التنزيل يدل على هذا؛ لأن الله سبحانه عطف على (التين والزيتون) أسماء أماكن، وهذا يشير إلى أماكن نباتهما، ولهذا كانت كل الأقوال المذكورة في التين والزيتون
(١) غريب القرآن: ابن قتيبة (ص: ٥٣٢)، وانظر: غاية الأماني: الكوراني (ص: ٤١٠)، وانظر: جامع البيان: الإيجي (٤/ ٥٠٨). (٢) فتح الرحمن: العليمي (٧/ ٣٩٤). (٣) نص على هذا الشوكاني في فتح القدير (٥/ ٥٦٦)، والقنوجي في فتح البيان (١٥/ ٢٩٩). (٤) نص على هذا السمعاني في تفسير القرآن (٦/ ٢٥٣). (٥) انظر: جامع البيان: الطبري (٢٤/ ٥٠٤ - ٥٠٧).