لا تخرج عن الشّام التي هي موطن كثير من النبوات، خصوصا نبوات بني إسرائيل، ولذا قال بعض العلماء: «هذه محال ثلاثة بعث الله في كل واحد منها نبيا مرسلا من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبار. فالأول: محلة التين والزيتون، وهي بيت المقدِس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم. والثاني: طور سينين، وهو طور سيناء الذي كلَّم اللَّه عليه موسى بن عمران. والثالث: مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل الله فيه محمدا ﷺ(١).
الثاني: أن قول من قال بأن المراد من (التين): الذي يؤكل (والزيتون) الذي يعصر، وقو من قال بأن المراد من (التين والزيتون) الجبلان، فإن جميعها يؤول إلى معنى واحد لأن القسم إنما هو برب العالمين جل وعز فالتقدير: ورب التين والزيتون (٢)، فكلا المعنيين جائز، والله أعلم.
الثالث: مما يدل على جواز أن يكون المراد من الزينون: جبل الزيتون، أن كثيرا ما تسمى الأرض بما ينبت فيها، فيقال: فلان خرج إلى الكرم وإلى الزيتون وإلى الرمان، ونحو ذلك، ويراد الأرض التي فيها ذلك، فإن الأرض تتناول ذلك، فعبر عنها ببعضها (٣).
الرابع: من حيث الواقع: فالواقع أن جبل الزيتون يُعد أحد جبال فلسطين التي اشتهر بكثرة نبت الزيتون فيه، وهو الجبل الذي بني عليه المسجد الأقصى (٤).
وقد ذكر ابن الوردي (٥) في حديثه عن بيت المقدس ويسمى إيلياء، وهي حسنة ولها سوران عظيمان وفيها، قبر مريم أم عيسى ﵉ وتعرف بالجسمانية. وهناك جبل
(١) انظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٧/ ٦٠٠، ٦٠١)، وانظر: التحرير والتنوير: ابن عاشور (٣٠/ ٤٢٢)، وانظر: تفسير جزء عم: د. مساعد الطيار (ص: ١٨١، ١٨٢). (٢) انظر: إعراب القرآن: النحاس (٥/ ١٥٨)، وانظر: الهداية: مكي بن أبي طالب (١٢/ ٨٣٤٠). (٣) انظر: منهاج السنة النبوية: ابن تيمية (٧/ ٢٣٠). (٤) انظر: التحرير والتنوير: ابن عاشور (٣٠/ ٤٢١). (٥) وهو: عمر بن المظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس بن علي الإمام العلامة الأديب المؤرخ زين الدين أبو حفص المعري الحلبي الشهير بابن الوردي فقيه حلب ومؤرخها وأديبها، مات سنة ٧٤٩ هـ. ينظر: طبقات الشافعية: ابن شهبة (٣/ ٤٥).