للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثانيًا: أنه لما نزلت هذه الآية ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ قال رسول الله أعوذ بوجهك! قال: ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ قال: أعوذ بوجهك، ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾ قال رسول الله : هذا أهون، أو: هذا أيسر (١).

والشاهد أن الآية لو كانت مخصوصة لأهل الكفر لما استعاذ النبي بربه، فدل ذلك على أن الخطاب عام لأهل الإيمان وأهل الكفر.

ثالثًا: الواقع المُشاهد الذي دل على أن العذاب كما أنه واقع على أهل الكفر، فهو أيضًا يقع في أهل الإسلام، وإلى هذا ذهب القرطبي وقال: "وهو الصحيح، فإنه المشاهد في الوجود، فقد لبسنا العدو في ديارنا واستولى على أنفسنا وأموالنا، مع الفتنة المستولية علينا بقتل بعضنا بعضا واستباحة بعضنا أموال بعض" (٢).

رابعًا: مما يدل على أن والخطاب في الآية يفيد العموم؛ أن العذاب الذي ينزل من فوق يعم الجميع، وكذلك العذاب الذي يجيء من تحت الأرجل يجيء عاما لا خاصا، فإذا كانت صواعق، أو إعصار شديد وصواعق، أو سيل عارم كل هذا يعم ولا يخص، وكذلك الخسف الذي تمور به الأرض مورا، والزلازل المدمرة، والبراكين الحارقة كل هذا يعم ولا يخص ينزل بالمؤمنين مع الكافرين، فإذا نزل العقاب على أهل الكفر كان ذلك عقوبة، وإذا نزل بأهل الإيمان كان ذلك ابتلاء، وقد يكون عقوبة بسبب الذنوب (٣).

• النتيجة:

يظهر من خلال ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أن الخطاب في قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ الآية، عام في أهل الإيمان وأهل الكفر، لما تقدم إيراده من الأوجه الدالة على ذلك، والله أعلم.


(١) أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: ﴿إن تعذبهم فإنهم عبادك﴾، برقم: (٤٦٢٨).
(٢) الجامع لأحكام القرآن: القرطبي (٨/ ٤١٥).
(٣) انظر: زهرة التفاسير: أبو زهرة (٥/ ٢٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>