للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

استعارة تبعية" (١).

• دراسة المسألة:

من أسباب الانحراف في الأسماء والصفات الذي يقع فيه أهل البدع، الخوف من تشبيه الله بخلقه، فهم أرادوا تنزيه الله تعالى عن مُشابهة المخلوقين، فَنَفَوا حقيقة الصفات الثابتة في الكتاب والسنة، ووقعوا في التعطيل.

فأهل التأويل والتعطيل أمثال الفخر الرازي ومن معه أرادوا تنزيه الله تعالى عن مُشابهة خلقه، فعندما نظر في صفة الإحاطة وجد أن معناها الإحاطة من جميع الجوانب، فلو حُملت هذه الصفة على الحقيقة ستقتضي التجسيم وتشبيه الله تعالى بخلقه، فيجب أن تُحمل هذه الصفة على المجاز وليس الحقيقة، حتى لا يقع مُثبتها في التشبيه.

فهو مع الأسف أراد الفرار من التشبيه فوقع في التعطيل، بسبب قياس صفات الرب على صفات المخلوقين، فهو شبَّه أولا ثم عطَّل.

فتعقّبه القاسمي بأن ما ذكره شبهة جهمية مبناها قياس صفة القديم - وهو الله على الحوادث - وهي المخلوقات- بأنه قياس مع الفارق، ففرق بين صفات الخالق وصفات المخلوقين، والسمعيات - وهي الآيات القرآنية والأحاديث النبوية- تُتلقّى من عرف المتكلم - وهو الله ﷿ بأن يؤخذ بظاهرها أ و بالمعنى الظاهر الذي دلت عليه، لا من الوضع المحدث - وهو الشيء الجديد- فلا تأتي بالصفات التي تليق بالله تعالى وتجعل لها معاني تليق بالمخلوقين، وبالتالي تنفي حقيقة تلك الصفة خوفًا من التشبيه.

والذي يظهر أن السر في نفي هؤلاء القوم لصفة الإحاطة من حيث الحقيقة: الهروب من إثبات صفة العلو، إذ يلزم من إثبات صفة الإحاطة أن يكون الله تعالى عالٍ على خلقه سبحانه، فلما كان مُحيطًا بهم كان عاليًا عليهم.

قال ابن تيمية: " إذا كان مبايناً للعالم: فإما أن يقدر محيطاً به، أو لا يقدر محيطاً به، سواء قدر أنه محيط به دائماً، أو محيط به في بعض الأوقات، كما يقبض يوم القيامة ويطوي


(١) روح المعاني: الآلوسي (١/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>