القاتل لا على عاقلته (١). فقال:"وقد خالف أبو بكر الأصم وجمهور الخوارج، فأوجبوا الدية على القاتل لا على عاقلته، واحتجوا بوجوه خمسة عقلية ساقها الفخر الرازي، وكلها مما لا يساوي فلسا"(٢).
[٦ - التعقب على التأويلات التي لا تستند على أدلة، ومن ذلك]
أ - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [سورة يونس: ٩٨]. عقَّب على قول أَبِي الْجَلْد (٣) الذي أورده ابن كثير في تفسيره: أن العذاب تدلى عليهم، وغشيهم، وجعل يدور على رؤوسهم، وغامت السماء غيما أسود، ونحو هذا (٤). فقال:" وليس في التنزيل بيان لهذا، ولا في صحيح السنة، وكأن من زعمه فهمه من لفظ ﴿كَشَفْنَا﴾، ولا صراحة فيه"(٥).
ب - وعند تفسيره لقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ [سورة الكهف: ٩٤]. عقّب على قول الرازي:"بأن قوله تعالى: ﴿قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾ [سورة الكهف: ٨٦] يدل على أنه تعالى تكلم معه من غير واسطة، وذلك يدل على أنه كان نبيا وحمل هذا اللفظ على أن المراد أنه خاطبه على ألسنة بعض الأنبياء فهو عدول عن الظاهر"(٦). فقال: " ولا يخفى ضعف الاستدلال بهذه الأدلة على نبوته. لأن مقام إثباتها
(١) انظر: مفاتيح الغيب: الرازي (١٠/ ١٧٨). (٢) محاسن التأويل: القاسمي (٥/ ١٤٤٧). (٣) وهو: جيلان بن فروة، ويقال: "ابن أبي فروة" الأسدي الجوني البصري أبو الجلد، تابعي ممن قرأ كُتُب الأوائل، وكان من العباد، وثَّقه الإمام أحمد، مات سنة: ٧٠ هـ. ينظر: التذييل على كتب الجرح والتعديل: آل بن ناجي (١/ ٦٠). (٤) انظر: تفسير القرآن العظيم: ابن كثير (٤/ ٤٢٦) (٥) محاسن التأويل: القاسمي (٩/ ٣٣٩٩). (٦) مفاتيح الغيب: الرازي (٢١/ ٤٩٦).