للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دراسة المسألة:

بعد النظر والتأمل واستقراء ما ذكره المفسرون في هذه المسألة، يظهر أن الأقرب للصواب، هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن الاستفهام في قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ﴾ للإنكار، وذلك من وجهين:

الأول: أنه قد وقع في القرآن مثل هذا الاستفهام، كقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [سورة البقرة: ٢١٤]، وقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [سورة آل عمران: ١٤٢]، وقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ [سورة التوبة: ١٦]، وكما هو معلوم أن الاستفهام في جميع هذه الآي للاستنكار، وجميعها في استنكار الحسبان، وليست للتقرير، فكذا في هذه الآية، والله أعلم.

وكثير من الآيات التي جاءت في سياق العجب للاستنكار، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾ [سورة الصافات: ١٢]، أَي عجبتَ من إِنكارهم البعث لشدّة تحقّقك بمعرفته، وقوله تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا﴾ [سورة يونس: ٢]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [سورة ص: ٥] أَي: عجيب (١).

الثاني: أنه قد ورد عن جماعة من السلف ما يُفيد أن الاستفهام للاستنكار وليس للتقرير.

فقد أخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس في قوله: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ يقول: الذي آتيتك من العلم والسنة والكتاب أفضل من شأن"، ونحو هذا روي عن قتادة، وابن إسحاق (٢).


(١) انظر: بصائر ذوي التمييز: الفيروز آبادي (٤/ ٢١).
(٢) أخرج أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (١٥/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>