للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دراسة المسألة:

بعد استقراء ما ذكره المفسرون في تأويل الآية، وما أوردوه من أقوال في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، من أن الآية لا تشتمل على إباحة الحرير للرجال وذلك من أوجه:

الأول: دلالة السنة: فقد روى الشيخان في صحيحهما عن أبي عثمان، قال: "كنا مع عتبة، فكتب إليه عمر أن النبي قال: لا يلبسُ الحريرُ في الدنيا إلا لم يُلبَس في الآخرة منه" (١).

وعن ابن أبي ليلى، قال: كان حذيفة بالمداين فاستسقى، فأتاه دهقان بماء في إناء من فضة، فرماه به وقال: إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته؛ قال رسول الله : "الذهب والفضة، والحرير والديباج، هي لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة" (٢).

فهذا دليل صريح في تحريم لبس الحرير على الرجال، والآية عامة في إباحة الزينة، فيُحمل الخاص على العام، فيجوز للرجل التزين بالثياب إلا ما خصه الدليل وهو ما دل على تحريم لبس الحرير على الرجال.

الثاني: دلالة الإجماع: فقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على تحريم لبس الحرير على الرجال.

قال ابن عبد البر: "أجمع السلف والخلف من العلماء على أنه إذا كان الثوب حريرا كله، فإنه لا يجوز للرجال لباسه" (٣).

الثالث: ما ورد عن جمع من السلف كمجاهد، وسعيد بن جبير، وطاووس، وغيرهم، أن المراد من الزينة في قوله تعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [سورة الأعراف: ٣١] اللباس الذي تستر به العورة، وليس إباحة لبس الحرير للرجال، وذلك لأن


(١) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه، برقم: (٥٨٣٠).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه، برقم: (٥٨٣١).
(٣) الاستذكار: ابن عبد البر (٨/ ٣٢٣)، وانظر: المغني: ابن قدامة (٢/ ٣٠٤)، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١٤/ ٣٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>