المشركون كانوا يطوفون بالبيت عُراة (١)، ولا شك أن فهمهم لتأويل الآية أقرب للصواب لفهم من جاء بعدهم، لقرب عهدهم بالتنزيل.
قال القشيري (٢): وفي الآية دليل على أنهم -يعني المشركين- كانوا يحرِّمون على أنفسهم ما وصف عنهم من لبس الزينة، ولم يختلف المفسرون أنه قصد بذلك أن يستر الإنسان نفسه ما يلزمه ستره (٣).
تنبيهان:
الأول: ما ورد في سبب نزول الآية عن ابن عباس قال: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة، يصفرون ويصفقون. فأنزل الله: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ﴾ فأمروا بالثياب (٤).
يؤيد ما تقدم من الأوجه من أن المراد من الزينة الثياب التي تستر العورة، إلا ما خصه الدليل بتحريمه، إلا أن هذا السبب لم يصح إسناده لأن في سنده يحيى الحماني وهو ضعيف (٥).
ومع ضعف هذا الاسناد فقد تلقاه أهل العلم من السلف ومن بعدهم بالقبول.
قال ابن رجب:"قوله تعالى: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾، نزلت بسبب طواف المشركين بالبيت عراة، وقد صح هذا عن ابن عباس، وأجمع عليه المفسرون من السلف بعده"(٦).
(١) أخرج أقوالهم ابن جرير الطبري في تفسيره (١٠/ ١٥٢، ١٥٣). (٢) وهو: بكر بن محمد بن العلاء أبو الفضل القشيري، العلامة، البصري، المالكي، سمع (الموطأ) من أحمد بن موسى السامي، وسمع من أبي مسلم الكجي، وحكى عن سهل التستري، مات سنة ٣٤٤ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: الذهبي (١٥/ ٥٣٧). (٣) أحكام القرآن: القشيري (١/ ٥٤٧). (٤) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١٢/ ١٣)، برقم: (١٢٣٢٤). (٥) انظر: الجرح والتعديل: ابن أبي حاتم (٩/ ١٦٨)، وانظر: الكامل في ضعفاء الرجال: ابن عدي (٩/ ٩٥). (٦) تفسير ابن رجب: طارق عوض الله (١/ ٤٧٧).