للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• دراسة المسألة:

من خلال ما تقدم من أقوال المفسرين، وبعد البحث والنظر، يتبين أن لكل فريق أوجه تؤيد ما ذهب إليه:

فالمعنى على القول الأول: أنه ينتفي الجناح عند انتفاء الجماع، إلا إن فُرض لها مهر، فلا ينتفي الجناح وإن انتفى الجماع، لأنه استثنى من الحالات التي ينتفي فيها الجناح حالة فرض الفريضة، فيَثبت فيها الجناح.

والمعنى على القول الثاني: أنه ينتفي الجناح بانتفاء الجماع وتسمية المهر معا، فإن وُجد الجماع وانتفت التسمية فلها مهر المثل، وإن انتفى الجماع ووجدت التسمية فنصف المسمى، فيَثبت الجناح إذ ذاك في هذين الوجهين، وينتفي بانتفائهما، ويكون الجناح إذ ذاك يُطلَق على ما يلزم المطلِّق باعتبار هاتين الحالتين (١).

والمتأمل في المعنيين يجد أن مؤداهمها: أن الجُناح ينتفي مالم يقع مسيس أو تسمية فرض، ويثبت بثبوتهما أو أحدهما، فلا تعارض بينهما، والله أعلم. ولكل قول أوجه تؤيد ما ذهب إليه:

أوجه بيان أن (أو) بمعنى: (إلا) أو بمعنى: (حتى):

أولا: من حيث اللغة: فـ (أو) في النحو تارة بمعنى: إلا أن؛ لأنها في معنى قولهم: هو قاتلي أو أفتدي منه، وقولك: لألزمنك أو تعطيني حقي، أي: إلا أن تعطيني حقي، وأخرى بمعنى حتى؛ لأنه فسر قوله: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ بلا تبعة مهر عليكم، وهو دال على جواب الشرط، أي: ما لم تمسوهن، فالمعنى: ما لم تمسوهن لا مهر عليكم، إلا أن تفرضوا لهن، أو: حتى تفرضوا لهن فريضة، فحينئذ يجب المهر (٢).

ثانيًا: من حيث الظاهر: أن قوله تعالى: ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾: بمعنى إلا أن تفرضوا لهن فريضة، أو حتى تفرضوا، وفرض الفريضة: تسمية المهر، لأن المطلقة قبل


(١) انظر: البحر المحيط: أبو حيان (٤/ ٣٤٠، ٣٤١).
(٢) فتوح الغيب: الطيبي (٣/ ٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>