الثاني: إيراد القاسمي ﵀ لهذه المسألة، ووجه استدلاله على قبول توبة المرتد بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا﴾ [سورة النساء: ١٣٧] قريبًا منه قول الماتريدي (١) في تفسيره إذ يقول "فيه دليل أنه تقبل توبة المرتد إذا تاب، ليس -كما قال بعض الناس- أنه لا تقبل توبة المرتد؛ لأنه أثبت لهم الإيمان بعد الكفر والارتداد بقوله: ﴿آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا﴾ ثم كذا؛ فدل أنه إذا تاب يقبل منه (٢).
الثالث: ظاهر كلام القاسمي ﵀ في تفسيره لهذه الآية أنه يميل إلى القول بقبول توبة المرتد وإن تكررت منه الردة، بينما في تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا﴾ قرر بأن دلالة الآية على ذلك في صورة عدم تكرار الردة، وأما معه، فلا (٣)، وسيأتي مزيد بيان إن شاء الله تعالى (٤).
• النتيجة:
بعد عرض ما تقدم من أقوال المفسرين وأهل العلم في هذه المسألة، يظهر جليًا أن الصواب هو قبول توبة المرتد، لما تقدم ذكره من الأدلة من الكتاب والسنة والأثر، وأن الخلاف في هذه المسألة شاذ كما يقول القاسمي ﵀.
ولعل القائلين بعدم قبول توبة المرتد يُريدون بذلك من تكررت ردته، لا بمجرد وقوعه في الردة، والله أعلم.
(١) وهو: محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي من كبار العلماء، له كتاب التوحيد وكتاب المقالات وكتاب رد أهل الأدلة للكعبي وكتاب بيان أوهام المعتزلة وكتاب تأويلات القرآن، مات سنة ٣٣٣. ينظر: الجواهر المضية: القرشي (٢/ ١٣٠). (٢) تأويلات أهل السنة: الماتريدي (٣/ ٣٨٩). (٣) انظر: محاسن التأويل (٥/ ١٦١٠). (٤) انظر تفصيل ذلك في مسألة رقم: (٦٠) الآتية، ص: (٤٤٩).