قال بعض المفسرين: أراد الصلاة المعلومة صلاة الجنائز (١).
• دراسة المسألة:
من خلال ذكر ما تقدم من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، يتبين أن الصواب هو ما عليه أصحاب القول الأول من أن المراد من قوله تعالى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾: الدعاء للمتصدقين والاستغفار لهم، وهو الذي عليه أكثر العلماء والمفسرين (٢)، وليس الصلاة على الموتى، وذلك من أوجه:
الأول: أن هذا القول هو المروي عن جماعة من السلف، ولم يُعلم أحد ممن خالفهم في عصرهم ممن قال بأن المراد من الصلاة: الصلاة على الموتى، وهم أعلم بكتاب الله ممن جاء بعدهم.
فقد أخرج ابن أبي حاتم بإسناده عن ابن عباس: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ يقول: استغفر لهم (٣).
وأخرج بإسناده عن السدي، قوله: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ يقول: ادع لهم (٤).
وقال مقاتل: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ يعني: واستغفِر لهم (٥).
الثاني: أن هذا القول يؤيده سبب النزول: فقد أخرج الطبري بإسناده عن ابن عباس، قال:" جاءوا بأموالهم يعني أبا لبابة وأصحابه حين أطلقوا فقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا قال: «ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا». فأنزل الله: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ "(٦).
(١) انظر: أحكام القرآن: ابن الفرس (٣/ ١٩٣)، وانظر: الإكليل: السيوطي (ص: ١٤٤). (٢) نص على هذا مكي بن أبي طالب. ينظر: الهداية (٤/ ٣١٤٥). (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٨٧٦) برقم: (١٠٣٠٤). (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٨٧٦) برقم: (١٠٣٠٥). (٥) تفسير مقاتل (٢/ ١٩٤). (٦) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١١/ ٦٥٩) بإسناد جيد. ينظر: موسوعة التفسير بالمأثور: مجموعة من المؤلفين (١٠/ ٦١٩).