الثالث: الشواهد القرآنية الدالة على أن المراد من الأمر بالصلاة في الآية: الدعاء. ومن ذلك: قوله جل وعلا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [سورة الأحزاب: ٥٦] فالمعنى: إن الله يغفر للنبي، والملائكة تدعو له بالمغفرة، فادعوا له أيها المؤمنون بالمغفرة (١).
الرابع: من حيث سياق الآيات: فظاهرها يدل على أن المراد من الصلاة: الدعاء والاستغفار، ويدل على ذلك أن بعد ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [سورة التوبة: ١٠٤](٢).
فالأصل أن لفظ الصلاة يجب أن يُحمل على الحقيقة الشرعية، ولكن في هذا الموضع قُدّمت الحقيقة اللغوية لوجود القرينة (٣).
الخامس: من حيث دلالة السنة: فقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل"(٤).
والمعنى: وإن كان صائماً فليدع لأهل الطعام بالخير والبركة، وكل داع فهو مصل (٥).
السادس: من حيث اللغة: فيجوز أن يكون المراد من الصلاة الدعاء، وبهذا يقول كثير من أهل اللغة: بأن الصلاة هي الدعاء، والتبريك والتمجيد، يقال: صليت عليه، أي: دعوت له وزكيت (٦).
(١) انظر: التصاريف: يحيى بن سلام (ص: ١٦٦). (٢) انظر: الناسخ والمنسوخ: النحاس (ص: ٥٢٥). (٣) انظر: البرهان: الزركشي (٢/ ١٦٧)، وانظر: الإتقان: السيوطي (٤/ ٢١٨)، وانظر: الزيادة والإحسان: ابن عقيلة المكي (٧/ ٤٤٧). (٤) أخرجه أبوداود في سننه، كتاب الصوم، باب في الصائم يدعى إلى وليمة، برقم: (٢٤٦٠) قال الألباني: حديث صحيح. (٥) انظر: تهذيب اللغة للأزهري (١٢/ ١٦٥)، باب الصاد واللام من المعتل. (٦) انظر: المفردات: الراغب الأصفهاني (ص: ٤٩٠، ٤٩١).